يوسف عبدلكي في صالة كامل.. الأصابع الملوثة بالفحم تفتح نافذة الضوء
أكسم طلاع
شهدت صالة كامل هذا الأسبوع افتتاحاً حاشداً لمعرض الفنان التشكيلي يوسف عبدلكي الذي قدم مجموعة من الأعمال المؤثرة كما عهدنا في تجربة هذا الفنان الرائد في التشكيل السوري والعربي المعاصر الذي ينتمي إلى ذلك الجيل المسكون بقضايا الإنسان والوطن والحياة، في هذه المجموعة الجديدة من الأعمال المنفذة بالفحم وبالقياسات الكبيرة يصدمنا هذا الفنان بجمال يفيض إلى حد يجعل من الرائي مستسلماً لحزن عميق جراء فداحة الحياة واحتمالات الوجود الحافلة بالقسوة.. هذا الفارق المؤلم بين ريشة الطائر والحرية.. بين عائلة الأم والخوف.. بين السواد والبياض.. بين العتمة والنور.. بين أصيص الورد والخزف وبين مقص لا يرحم عذوبة الصباح والماء.
سمك وعصافير وورد وجمجمة أو كف يخترقها مسمار.. فاحم الوصف لهذه المخلوقات وفاحم التصوير والموقف أيضاً.. لن تكون محايداً حين يعصر قلبك هذا الفنان بيدين ملطختين ببقايا أقلام الفحم والغربة.. أي حزن سينهال عليك أمام هذه اللوحة الواخزة جمالاً وفزعاً في آن.. وأي إسقاطات ومعاني يأخذنا الفنان بها؟
تراجيديا المشهد المؤثث بالتلميح والخوف تؤكد أن الفن ليس ترفاً أو رغبة في الفرح بقدر ما هو سلطة خفية ونبيلة تجعلك إنساناً مسكوناً بالعدالة والحب!؟.
يكتب الفنان عبدلكي في مقدمة معرضه:
لم أرسم في أي يوم سمكاً أو عصافير أو سكاكين.. كنت دائماً أرسم بشراً، كان محرضي دائماً أن أقول كلمتي حمّالة دلالات، وتطلب بصري وقلق ينوس بين السواد المحيق بنا والضياء المشتعل في وجداننا، المقتحم السماء.
لا يمكن وضع أي تصنيف أو مقاربة بين هذا المعرض وبين ما يعرض حالياً في صالات دمشق الخاصة والعامة، ولا يحسب هذا المعرض إلا في حسابه الجمالي والإبداعي الملتزم بقضية الإنسان بعيداً عن القارئ السياسي الفج والمباشر، حيث يقدم الفنان نصاً بصرياً إيحائياً يُثقف ويصقل العاطفة ويحفز الوعي بالألم وينبه للمصير الذي ينتظر البشرية.
المعرض مستمر لنهاية شهر حزيران.