مدرسة كيندي.. ملجأ ضباط الاستخبارات
ترجمة: قسم الدراسات والترجمة
مدرسة كينيدي -الوجود المهيمن لمجتمع الأمن القومي الأمريكي وحليفه المقرب إسرائيل- هي واحدة من المدارس الرائدة في العالم في مجال السياسة الحكومية والعامة. تقدّم كل شيء من الدكتوراه ودرجات الماجستير في السياسة العامة والإدارة إلى جلسات التدريب التنفيذي. هي ليست مؤسّسة واحدة متماسكة، بل عبارة عن تكتل من الإقطاعيات والهيئات الحكومية التي تتعامل مع كل شيء من حلّ النزاعات، والانتشار النووي، وتغير المناخ إلى السياسة الحضرية، والتنظيم المالي، وتعبئة الناخبين. ومن بين أكبرها “مركز القيادة العامة”، ومركز “شورنشتاين” للإعلام والسياسة والسياسة العامة، الذي يجمع الصحفيين والأكاديميين سنوياً من جميع أنحاء البلاد لوصف وتشخيص التحديات التي تواجه صناعة الأخبار.
يأتي مركز “بيلفر” للعلوم والشؤون الدولية في مقدمة تلك المعاهد. من عام 1995 إلى عام 2017، كان مدير المركز غراهام أليسون، أستاذ الحكومة في جامعة هارفارد، ومؤلف مجموعة من الكتب حول الأمن القومي. يعتبر أليسون العميد المؤسّس لمدرسة كينيدي والشخص الذي قام ببنائها مالياً. خدم أليسون في مجلس سياسة الدفاع تحت إشراف وزراء الدفاع من كاسبار واينبرغر إلى جون ماتيس. كان مستشاراً خاصاً لوزير الدفاع من عام 1985 إلى عام 1987، وكان مساعد وزير الدفاع للسياسة والخطط من 1993 إلى 1994. تعكس سيرته الذاتية، أنه ساعد أليسون في جعل مركز “بيلفر” ذراعاً افتراضياً لمجمع الاستخبارات العسكرية.
أدار آش كارتر، وزير الدفاع المنتهية ولايته في إدارة أوباما، مركز “بيلفر” منذ عام 2017 حتى وفاته المفاجئة. خلال مسيرته المهنية كان كارتر عضواً في جميع مقاولي الدفاع والباحثين في مجال الأسلحة وأمور مثل الأمن السيبراني، ومكافحة الإرهاب، وحرب الطائرات بدون طيار، وتكنولوجيا الصواريخ.
في كلّ عام، يستضيف المشروع أكثر من اثني عشر من “نجوم الاستخبارات الصاعدين” من جميع أنحاء العالم كجزء من برنامج زمالة صمّمه ديفيد بترايوس، الجنرال المتقاعد بالجيش ذو الأربع نجوم، والذي شغل منصب مدير وكالة المخابرات المركزية من أيلول 2011 إلى تشرين الثاني 2012. كما أراد مدير وكالة المخابرات المركزية، بترايوس، إيجاد طريقة لربط ضباط المخابرات الشباب بالجامعات الكبرى. للحصول على الدعم، اتصل بـ توماس كابلان، وهو مضارب معادن فائق الثراء وجامع أعمال فنية ومغامر في السياسة الخارجية، وأقنعه بتمويل زمالة لضباط استخبارات سريين.
ليون ريكاناتي هو والد زوجة كابلان ومستثمر إسرائيلي. قدم كابلان معظم التمويل الأولي لشركة “يونايتد” ضد إيران، حيث قادت المجموعة، التي تربطها علاقات قوية بالجيشين الأمريكي والإسرائيلي، حملة التراجع عن الاتفاقية النووية لعام 2015 مع إيران.
أُجبر بترايوس على الاستقالة من منصب رئيس وكالة المخابرات المركزية بعد أن تمّ الكشف عن أنه كان على علاقة خارج نطاق الزواج مع باولا برودويل، التي كانت تكتب سيرة ذاتية له، ومنحها حق الوصول إلى وثائق سرية للغاية. في آذار 2015، توصل بترايوس إلى اتفاق مع وزارة العدل، حيث حُكم عليه بالسجن لمدة عامين بالإضافة إلى غرامة قدرها 100 ألف دولار. بعد استقالة بترايوس، رتب أليسون أن يصبح زميلاً غير مقيم في مركز “بيلفر”.
أقام أليسون المحكمة، كما يروي دانيال غولدن في كتابه لعام 2017 “مدارس التجسس: كيف تستغل وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي والاستخبارات الأجنبية جامعات أمريكا سراً”.
يخصّص غولدن فصلاً من الكتاب لمدرسة كينيدي، حيث يلاحظ أن المدرسة، التي كانت تُعرف سابقاً باسم “ملجأ السياسيين خارج المكتب”، تعجّ الآن بضباط استخبارات سابقين. يكتب غولدن أن المدرسة لا تشجع وكالة المخابرات المركزية على التجنيد النشط في الحرم الجامعي، لكن نظرة على تقويم مركز “بيلفر” تظهر أن هذا التجنيد في الواقع يحدث الآن بشكل علني. على سبيل المثال، استضاف المركز جلسة حول “الوظائف في مجتمع الاستخبارات الأمريكية”، شارك فيها ممارسون سابقون وحاليون في الاستخبارات تجاربهم مع طلاب جامعة هارفارد. كما يلاحظ غولدن، أن أعضاء أجهزة المخابرات الأجنبية، وخاصةً الإسرائيليين، يتدفقون أيضاً على مدرسة كينيدي، لأنها توفر “قناة إلى أعلى المستويات في الحكومة الأمريكية”. ووفقاً لـ 990 نموذجاً، بين عامي 2011 و2015، قدم مركز “بيلفر” أكثر من 300 ألف دولار إلى اللجنة اليهودية الأمريكية.
في عام 2007، نشر ستيفن والت وجون ميرشماير، المتخصّصين بالعلاقات الدولية، كتاباً عن اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية الذي جادلا فيه بأن منظمة “إيباك” وغيرها من الجماعات الموالية لـ”إسرائيل” أعادت توجيه السياسة الأمريكية بعيداً عن المصالح القومية الأمريكية، الأمر الذي تسبّب في إثارة ضجة في مدرسة كينيدي، بما في ذلك شكاوى من بعض الزملاء.