ميلوني في تونس.. مقاربة “براغماتية”
هيفاء علي
في سياق زيارتها إلى تونس، دافعت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني عن مقاربة “براغماتية” لبلادها بشأن ملفين مهمّين لتونس يتعلقان بمفاوضات الأخيرة مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل جديد، بالإضافة إلى الهجرة غير النظامية. يأتي هذا في ظل معاناة البلد المغاربي من ثقل الديون التي بلغت نحو 80% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
التقت ميلوني الرئيس قيس سعيّد في قصر قرطاج لحوالي ساعتين، وأكدت في تصريح أن بلادها تقوم “بدعم لتونس” خلال محادثاتها مع صندوق النقد الدولي لنيل قرض جديد بقيمة تقارب ملياري دولار. وأوضحت أن بلادها تقوم بخطوات على المستوى الأوروبي ومجموعة السبع بإتباع نهج عملي، مع مراعاة منهج عمل صندوق النقد الدولي، معتبرةً أن استقرار الوضع السياسي والأمني، وتقدم الديموقراطية في تونس أمر لا غنى عنه.
تجدرُ الإشارة إلى أن تونس تعاني من ثقل الديون التي بلغت ما يقارب 80% من ناتجها المحلي الإجمالي، وتخوض مفاوضات على قرض جديد من صندوق النقد الدولي منذ حوالي عامين، لكن على الرغم من اتفاق مبدئي تمّ إبرامه في تشرين الأول الماضي، فإن المفاوضات متعثرة، لأن الحكومة التونسية ترفض سياسة الابتزاز التي يمارسها صندوق النقد الدولي إزاء تونس، والذي يشترط تنفيذ برنامج الإصلاح الذي ينصّ على إعادة هيكلة أكثر من 100 شركة عمومية تونسية مثقلة بالديون، ورفع الدعم الحكومي على بعض المواد الأساسية، والتي اعتبرتها تونس إملاءات وتدخلاً في شؤون البلاد الداخلية.
وبالفعل، كان إلغاء الديون التونسية، وتحويلها إلى مشاريع تنموية، وملفّ الهجرة غير الشرعية، فضلاً عن رفض إملاءات صندوق النقد الدولي، من أبرز محاور لقاء الرئيس قيس السعيد مع جورجيا ميلوني.
وفيما يخصّ قضية الهجرة غير القانونية، دعت ميلوني على المستوى الأوروبي إلى نهج ملموس لزيادة الدعم لتونس في مكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير القانونية، وإلى برنامج يشمل كل التمويلات، بما في ذلك المساعدة على ترحيل المهاجرين. كما ناقشت مع الرئيس التونسي فكرة عقد مؤتمر في روما حول الهجرة والتنمية، ليكون فرصة للجمع بين دول الضفاف الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، ومجلس التعاون الخليجي للاستماع إلى الاحتياجات والتخطيط لمشاريع تجذب الاستثمارات.
في السياق نفسه، دعا وزير الخارجية التونسي نبيل عمار الاتحاد الأوروبي إلى “التضامن” من أجل مكافحة هذه الظاهرة، بعدما ارتفعت وتيرة محاولات الهجرة غير القانونية التي غالباً ما تنتهي بحوادث ومأساة غرق. كما أعلن الحرس الوطني التونسي في وقت سابق أنه أنقذ أو اعترض 14 ألفاً و406 أشخاص بينهم 13 ألفاً و138 يتحدرون من أفريقيا جنوب الصحراء خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، وكان خفر السواحل التونسي قد انتشل منذ نهاية الأسبوع الماضي ما لا يقلّ عن 70 جثة تعود لمهاجرين أفارقة غرقوا أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط إلى إيطاليا.
وتسجل تونس التي تبعد أجزاء من سواحلها أقل من 150 كيلومتراً عن جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، بانتظام محاولات لمهاجرين، ومعظمهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء للمغادرة بشكل غير قانوني في اتجاه السواحل الإيطالية. وفي نهاية آذار الفائت، أكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن التكتل يشعر بالقلق إزاء تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في تونس ويخشى انهيارها، لافتاً إلى أنه إذا انهارت تونس، فإن ذلك يهدّد بتدفق مهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي، والتسبّب في عدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.