ورشة تدريبية تستهدف رأب الفجوة في الصحة النفسية في حالات الطوارئ
دمشق – لينا عدره
لم يعد الحديث عن مفهوم الصحة النفسية مجرد رفاهيةً كما يعتقد البعض، خاصةً مع وجود أكثر من 11 اضطراب من الاضطرابات النفسية يتصدرها الاكتئاب وما قد يُسببه من حالات انتحارٍ عند البعض، وفق ما ذكرت منظمات وجهات طبية، ما يثبت بالدليل القاطع ضرورة التركيز على الصحة النفسية وعدم إغفال دورها المؤثر على كل مفاصل حياتنا اليومية.
انطلاقاً من الدور المحوري لوسائل الإعلام في تغيير وتصحيح المفاهيم الخاطئة ونشر الوعي خاصة بين أولئك الذين يعتبرون هذا النوع من الاضطرابات النفسية شكلاً من أشكال الجنون يُصاحبه نوعٌ من التنمر لدرجةٍ تصل عند البعض لاعتباره وصمة عارٍ، أطلقت وزارة الإعلام مديرية الإعلام التنموي بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ورشة تدريب حول رأب الفجوة في الصحة النفسية في حالات الطوارئ.
تركزت معظم محاور الورشة على تقديم شرحٍ مفصل عن مفهوم الصحة النفسية، والدور الكبير لوسائل الإعلام في تصحيح المفاهيم المغلوطة حول هذا النوع من الاضطرابات، وضرورة تمتع الإعلامي بقدرٍ كبير من المرونة والاطلاع بما يُمكنه من توظيف الحقائق العلمية المثبتة بشكلها الصحيح بعيداً عن المبالغة و التخويف، وتدارك الخلل الواضح في استيعاب وفهم هذا النوع من الاضطرابات.
أكدت معظم مداخلات المحاضرين في الورشة خلال جلستها الأولى على كسر الجليد للغوص في مفهوم الصحة النفسية، بعيداً عن الاعتقادات الخاطئة والمسبقة، لجعلها أولوية في حياتنا اليومية شأنها شأن الصحة الجسدية، والابتعاد عن فكرة تصنيفها كشكلٍ من أشكال الحياة المُرفهة، كونها مكون أساسي من مكونات الصحة العامة وفق تعريف منظمة الصحة العالمية لها والذي أكدت فيه على أنها حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، وليس مجرد غياب المرض أو العجز، حيث لا صحة من دون صحة نفسية.
شدد المحاضرون خلال الورشة على نقطةٍ أساسية تتمحور في الدور الكبير للإعلامي في رأب الفجوة في الصحة النفسية، والذي لا يقتصر فقط على المريض والمعالج بل يمتد ليشمل ردم الفجوة بين المرضى وبيئتهم المحيطة، ليأتي دور الإعلامي الأساسي بإيصال رسائل مهمة عن دور الصحة النفسية في مساعدتنا على تجاوز العقبات وتحمل الضغوط والاعتناء بصحتنا عبر وسائل بسيطة موجودة في بيئتا، والتأكيد على أهمية تقديم برامج إعلامية تستند على معلومات دقيقة ومتابعة تلك المعلومات وتحديثها لتوظيفها بشكلها الصحيح، خاصةً في ضوء التقدم العلمي الحاصل على مجمل الأبحاث التي تتناول مفهوم الصحة النفسية.
وتأتي هذه الورشة في سياق مساعدة الأشخاص على التكيف والمرونة لتجاوز ضغوطات الحياة بحدها الأدنى، والابتعاد عن الهالة التي رسمها المجتمع مسبقاً عن تلك الاضطرابات، وتصحيح الصورة التي قدمتها بعض الوسائل والدراما عن تلك الاضطرابات، والتأكيد على قدرة الإعلام على تحقيق نتائج مرضية قدر المستطاع، خاصةً مع ارتفاع نسب أعداد الأشخاص الذين يطالبون باستشارات نفسية في مؤشر جليٍّ على تغيير تعاطي البعض مع تلك الاضطرابات وفق ما أكد معظم المحاضرين المختصين، لذلك وانطلاقاً مما سبق ركزت معظم محاور الورشة على تقديم رؤية علمية ومنهجية واضحة تُمكن الإعلامي من تحقيق هدفه الأساسي لجهة إيصال الرسائل وتوظيفها بالشكل الأمثل، والعمل على تطبيق مقولة الوقاية خير من قنطار علاج.