دار البعث تحتضن ندوة “رحيل القائد المؤسّس واستمرار النهج”.. استحضار الدور وطنياً وعروبياً
دمشق – علي قاسم:
شكّلت الذكرى السنوية الـ 23 لرحيل القائد المؤسّس حافظ الأسد امتداداً في الأثر والدور والحضور عبر خوض فكري وسياسي تداعت إليه اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني، ومؤسسة القدس الدولية، وفصائل المقاومة الفلسطينية، بندوة تحت عنوان “رحيل القائد المؤسّس واستمرار النهج” التي استضافتها دار البعث.
وحفلت الندوة التي أدارها الدكتور صابر فلحوط بمحاضرات ومداخلات وحوارات فكرية وتاريخية ثرية عن شخصية ودور القائد الراحل ودوره وخصاله وفضائل زعامته التي تشهد عليها الأيام.
هدف ومسار
الدكتورة بارعة القدسي، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي، اعتبرت أنه مع فكر وعالم القائد المؤسّس أمكن الانتقال إلى مرحلة نوعية جديدة نُغلّب فيها الأساسي على الثانوي ونحتكم إلى العقل بالحوار، ونكون مستعدّين للاعتراف بالآخر، حيث شكّل عصر القائد المؤسّس نقلة نوعية في حياتنا السياسية، منذ أن أطلق صيحته الشهيرة داعياً القوى الوطنية للقاء في إطار صيغة للعمل السياسي تعبيراً عن رؤية سياسية بعيدة المدى تتجاوز اللحظة الراهنة الواسعة، واستجابة لرؤية استراتيجية حدّدت هدفاً ومساراً.
وأضافت: إنه التاريخ ينطق باسم حافظ الأسد الذي نجح في اقتحام المستقبل والإنصات لخُطا التاريخ فاعلاً ومؤثراً فيه مقدّماً الدليل أن التاريخ هو علم المستقبل، وكانت الجبهة الوطنية تعبيراً عن ضرورة وطنية، وهي لحظة تاريخية توافقت مع إرادة قائد بطل فكانت الجبهة متوافقة مع هذه الإرادة.
وسورية مع حافظ الأسد كان فعلها مع محيطها أشدّ تأثيراً، إذ لم يراهن على الجغرافيا الضيّقة بل على سورية الدور وليس الموقع، وحين تكون المراهنة على الدور تكون على البطل الجاهز للنهوض بحمل راية الوطن.
وأكّدت أن ذاكرتنا السياسية تستحضر غياب القائد السياسي المحنّك ونحن في حضرة السيد الرئيس بشار الأسد لاستكمال الحياة السياسية بما يشكّل الضمانة الوحيدة لعدم وجود مساومات جديدة وما كان ويكون صنوان، إذ دائماً ما يوصف بأنه هناك بصمة ذاتية للقائد المؤسّس الذي هو حاضر بيننا عبر شخصية ودور الرئيس بشار الأسد.
الإنجاز الأكبر
اللواء أبو أحمد فؤاد، القائد في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقف عند الإنجاز الكبير للحركة التصحيحية التي شكّلت نقلة نوعية في تطوير سورية داخلياً وعربياً ودولياً، ومن أهم أهدافها وإنجازاتها تطوير قدرات الجيش السوري، ما هيّأ لخوض حرب تشرين 1973 التي حقق خلالها هذا الجيش انتصاراتٍ مهمّة على جبهة الجولان بالتنسيق الميداني مع الجيش المصري، مستذكراً ما اعترف به وزير الدفاع الصهيوني آنذاك “موشيه دايان” في كتاب له أن “الجيش السوري ليس هو الذي واجهناه في حرب الـ67 من حيث الإقدام والبطولات والتدريب والتسليح”.. شهادة من عدو، وكحرب لو استمرّت كما هو مخطط لها لكانت النتائج مختلفة تماماً لولا ما قام به “السادات”، فحرب تشرين كانت مقدّمة لتحرير فلسطين وباعتراف “دايان” نفسه بأنهم “كانوا خائفين من الجيش السوري أن يصل إلى نقاط حساسة في الكيان”، حيث قال الوزير الصهيوني: “كنا سنعلن الاستسلام والموافقة على كل الشروط ثم جاءت التغيرات”.
وتابع: يسجّل لحرب تشرين ولحافظ الأسد صموده في وجه الضغوط بمواقف ثابته أساسها لا حوار ولا سلام دون عودة كامل الحقوق للشعب الفلسطيني، كذلك الموقف من الثورة الإيرانية واضح واستراتيجي نشاهد الآن الحقائق وكيف جاء لمصلحة الأمة العربية والقضية الفلسطينية، والموقف من الحرب العراقية الإيرانية، واجتياح لبنان عام 1982، حيث قام الجيش السوري بواجبه في لبنان مع فصائل المقاومة وقدّم التضحيات الكبيرة.
وذكّر فؤاد بمواقف الراحل من مصير الفصائل الفلسطينية وخروجها من لبنان، وما حصل من اجتهادات من عودة الكل إلى سورية أو التوزّع عبر العالم، ليكون موقف القائد المؤسّس بأن الجميع مرحّب بهم في سورية، وكانت كلها مناراتٍ من مواقفه تجاه المقاومة كثوابت كلها توصل للتحرير، حيث قدّمت سورية ولم تزل كل الدعم والإسناد للشعب الفلسطيني، وبقرار من القائد الراحل فتحت الأراضي لكل المقاومة وسورية هي الركيزة الأساسية لمحور المقاومة.
حدود الأمان
من جهته، الدكتور خلف المفتاح، مدير عام مؤسسة القدس الدولية – سورية، تناول استمرار نهج القائد المؤسّس على يدي السيد الرئيس بشار الأسد في أولوية حدود الأمان الوطني والقومي، فحالة الصمود والنشاط اليوم أمر مهم، لأنها متعلّقة بالرموز الوطنية المهمّة، ولأن تاريخ الأمم مرتبط بها وباستدعائها، والمثال الحي عندما خاطب الراحل الشعب العربي عشية حرب تشرين بخطاب الرموز من أجل عامل التحشيد كحالة وطنية جامعة، مشيراً إلى أنه يجب الاشتغال على الرموز بثبات وإيمان وشجاعة وأمل، فرأسمالنا الوطني هو الرموز التي نلتفّ حولها، وهنا نعني تماماً روح الذكرى.. ذكرى رحيل القائد حافظ الأسد بما يعنيه من مواقف وإضاءات، أبرزها حتمية الثوابت ومرونة البراغماتية، وهنا لابدّ من إعادة ترتيب مختلف لحالة التضامن العربي.
وأضاف المفتاح: إن حافظ الأسد من أشجع من مرّوا على هذا البلد عبر الحكمة والشجاعة واستبصار المستقبل وقوة مواجهة الخصوم وجهاً لوجه، وظل حريصاً على أن يكون القرار الوطني المستقل سمة لسورية، والآن من بعده الرئيس بشار الأسد يستمرّ على هذا النهج.
بنى وحمى
الرفيق رضوان مصطفى، أمين فرع حزب البعث العربي الاشتراكي بريف دمشق، قال: لقد “ترجّل الفارس بعد أن بنى وحمى الميدان في دولة المؤسسات التي أعطت الدور لسورية وبقيت بعد رحيله في هذه المؤسسات بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد بالتحرير والمقاومة والبناء”، لافتاً إلى أنه “في هذه الأيام يأتي الإثبات بعودة الانفتاح العربي نحو سورية، والرئيس الأسد كان نجم قمة جدّة الذي وضع خريطة طريق في 5 دقائق”.
بمنزلة خطط عمل
من جانبه، راهن الدكتور عبد اللطيف عمران، مدير عام دار البعث على المبادرات المستمرة والمتميزة لمثل هذه الندوات، مشيراً إلى أن “مثل هذه الفعاليات تعدّ بمنزلة خطط عمل لمستقبل المؤسسات في النظام الرسمي والشعبي العربي، وفي سورية عبر عقد الحياة الوطنية الذي تزيّنه جواهر تتوالد أمام الأجيال الجديدة”، مشدّداً على أن المسؤولية تقول بـ “التفكير بمناهجنا الوطنية التربوية التي تتطلب حضوراً لهذا الفكر؛ فصوت الحق لا ينكسر وإن انكسر لا يموت”.
وتناول الدكتور عمران حدث قمة جدّة وما طُرح من الزعماء العرب بمحورية القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن”الدائرة تحتوي عدة محاور ومركزاً واحداً، لذا كانت الأولوية في إعلان جدة هي مركزية القضية الفلسطينية، وهي أمر مهم كالرموز الوطنية.. يجب أن تحمل رايتها الأجيال الطالعة”.
تلاقح فكري
إلى ذلك، تحدّث فراس رجوح بكلمات تعبّر عن فكر القائد الراحل وأخلاقه وإنسانيته كقائد وزعيم عربي ودولي كبير يكمل المسيرة من بعده السيد الرئيس بشار الأسد، أما الدكتور سليم بركات فقد قال: إن “حافظ الأسد رجل وحدوي؛ حوّل سورية إلى ورشة عمل عبر دولة المؤسسات، وعندما ضاقت الأحوال بنى المؤسسات الاقتصادية لا الربحية”.
وبيّن، عبد الله منيني، أمين سر الأحزاب العربية أننا “نعتز بأننا عشنا في مدرسة حافظ الأسد، واليوم بمسيرة الرئيس بشار الأسد نمضي مع القائد العربي المقاوم استمراراً لما بناه الرئيس الراحل”.
تصوير: نضال ماضي