أين هو المنتَج السوري اليوم من المنافسة عربياً؟ قسومة: المشكلة بقصور الدعم وليست بالطلب
دمشق – ريم ربيع
على إيقاع الحديث المتكرر حول بدء تعافي الصادرات، وما يوازيه من تحسن العلاقات العربية مع سورية، يتساءل كثيرون اليوم حول مستقبل المنتَج المحلي في الأسواق العربية، بعد أعوام طويلة من الحضور الخجول، إثر عوامل عدة، منها ما يتعلق بالحرب والعقوبات، أو بضعف الإنتاج وتراجع التصدير، حيث شكّل تراجع الصادرات للحدود الدنيا خلال الحرب فجوة واسعة في أسواق كانت تعتمد على المنتَج السوري بشكل أساسي، سرعان ما استثمرها المنتجون المنافسون، وفي مقدمتهم تركيا التي تغذي اليوم حيزاً كبيراً من أسواق الخليج بعد سورية، مما يجعل عودة الحضور لهذه الأسواق بحاجة منافسة قوية، يؤكد مصدرون أنها لن تتحقق بلا دعم حكومي يحمل جزءاً من المسؤولية إلى جانب المصدّر.
نائب رئيس لجنة التصدير في غرفة تجارة دمشق فايز قسومة أكد في تصريح لـ “البعث” أن مشكلة الصادرات ليست في الأسواق الخارجية، فالخليج مفتوح والمنافسة فيه شديدة لمن يقدر، لكن التصدير بحاجة تشجيع، وقرارات جريئة مختلفة عن القرارات الحالية الضعيفة والقاصرة، فيوجد مثلاً برنامج لدعم تصدير الخضار والفواكه بنسبة 5%، لكن تطبيقه على أرض الواقع صعب، ولا يقدم كدعم نقدي مباشر، فدعم الصادرات يتم بدفع قيم تأمينات وفواتير وغيرها وليس بشكل مباشر.
وأكد قسومة أن الفرصة اليوم ملائمة لاتخاذ قرارات جريئة لدعم التصدير، ويجب تأمين المواد الأولية، وإعطاء الصناعيين عوائد مجزية، وتأمين واستقرار المشتقات النفطية والكهرباء، والتعاون بين القطاع الخاص والحكومة لإزالة العقبات، كما يفترض من المسؤولين زيارة مراكز التصدير وحل مشكلات المصدرين المتجددة كل يوم، فمشكلات الصناعة لا تعالج بالجملة، بل لكل نوع منها رؤية خاصة به يجب دراستها بمعزل عن البقية.
وأشار قسومة إلى أن الصادرات بفترة الحرب تراجعت لضعف الإنتاج، وليس لتراجع الطلب، فالعلاقات مع دول الخليج لم تنقطع أبداً، لكن أصبح اليوم المنافس التركي قوي نتيجة الصعوبات الداخلية التي نعاني منها، وأثرها على القدرة على المنافسة، مبيناً أن البضاعة التركية تصل لسورية تهريباً، ومع ذلك تكون أرخص من المنتج الوطني، فكيف سنتمكن من منافستها في الخارج؟
ولفت عضو غرفة التجارة إلى أن أكثر المواد طلباً في الخليج هي الخضار والفواكه، التي كنا نصدر منها قبل الحرب 7000 طن يومياً، فيما تصل اليوم بأفضل الأحوال لـ1000 طن، كما كانت الألبسة والقطنيات السورية تغزو الخليج، بينا دخلت الصين بقوة في هذا المجال اليوم واستحوذت على حيز واسع من السوق، مقترحاً أن يتم تقديم تشجيع لمصدري المنتجات الزراعية بقيمة 25% من أجور النقل كما حصل مع الحمضيات.
ورأى قسومة أن دعم التصدير يحتاج ميزانية خاصة، وليس فقط الاتكال على هيئة دعم الصادرات التي دائماً ما تتحجج بأنه “ما معها مصاري”، مضيفاً: “سايرونا” لسنة واحدة وقدموا عائدات للتصدير 10%، أو حولوا جزء من الدعم الذي وصل لـ25 ألف مليار لدعم التصدير، فحتى لو اقتصر نفع دعم الصادرات على استقرار سعر الصرف كمرحلة أولى، يكون بذلك حقق خطوة هامة لتثبيت الأٍسعار.
وبالنسبة لتعهد إعادة القطع، اعتبر قسومة أنه يحق للمركزي العمل به، لكن لماذا لا تكون الاستفادة منه بالمقايضة، وتسديد المصدرين لتعهداتهم عن طريق استيراد المواد الأساسية، فهكذا يوفر على المصدر ويخفف ضغط على المنصة، فلماذا اللجوء كل مرة إلى قرارات من قبيل أولوية التمويل وغيرها، إن كان بإمكان المصدّر تسديد التعهد عبر استيراد الأساسيات.
و”على سيرة المنصة” وشجونها، شدّد قسومة أنه لا يجوز تجميع أموال سورية بيد 5 شركات صرافة حتى ولو كانت مرخصة، لأنهم يوصفون بعناصر غير انضباطية، موضحاً أن المركزي اتجه لحجب السيولة واعتماد المنصة لتخفيف المضاربة، لكنه وضع هذه السيولة بيد من يمكنه المضاربة، فالقائم على شركة الصرافة الذي يرى أمامه 500 مليار ليرة، هل سيجلس “يتفرج عليها”! مؤكداً أن المنصة يجب أن تكون فقط من اختصاص المصارف طالما يوجد إصرار على بقائها.
وهنا تساءل قسومة: ما الغاية من المنصة أساساً إن كنا نشتري البضائع من السوق بما يوازي سعر صرف 15 ألف ليرة للدولار؟ حيث أصبح المستوردون يربحون 50-60 % لرسملة البضاعة فقط لأن التمويل أصبح كل 6 أشهر، مما عرضنا لغلاء غير محمول، وتحوط لم تشهده سورية من قبل، ففي السابق كان المستورد الذي يربح 7% “يعمل عزيمة”، بينما وصلت النسبة اليوم لـ50% خوفاً من القادم.