دراساتصحيفة البعث

ما الحكمة من وجودهم؟

علي اليوسف

بعد أن نفت نبأ سقوط مروحية للجيش الأمريكي في قرية تل حداد بريف اليعربية في محافظة الحسكة يوم 11 حزيران الجاري، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية اليوم عن إصابة 22 عسكرياً أمريكياً في تحطم المروحية، وأنه يجري التحقيق في أسباب الحادث على الرغم من عدم الإبلاغ عن نيران معادية.

قد ينتهي الحديث هنا عن تحطم المروحية، وإصابة الجنود الـ 22، لكن ما لا ينتهي هو ماذا يفعل هؤلاء المحتلون على الأراضي السورية، وما هي المهمة التي جاؤوا من أجلها؟. هي أسئلة كثيرة تطلق كل يوم عن أسباب تواجد الاحتلال الأمريكي، وإلى أي وقت سيبقى هذا الاحتلال؟.

منذ بداية الحرب الكونية على سورية ظل الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما يردد في أكثر من مناسبة أنه لا يعتزم إرسال جنود أمريكيين إلى سورية، لكن بحلول تشرين الأول 2015 نشرت الولايات المتحدة أول دفعة من جنود القوات الخاصة الامريكية كأول تواجد عسكري أمريكي على الأرض منذ بدء الحرب على سورية.

استمرت الولايات المتحدة بتعزيز تواجدها العسكري على الأراضي السورية بشكل متواصل ليبلغ تعدادهم نحو 500 جندي في نهاية العام 2016. ومع استلام دونالد ترامب إدارة البيت الأبيض أوعز للبنتاغون في 27 كانون الأول 2016 بإعداد خطة في غضون 3 أشهر، وبالفعل قدمت وزارة الدفاع خطتها للرئيس الأمريكي تضمنت حزمة من الإجراءات العسكرية والمالية مع إعطاء القادة العسكريين صلاحيات أوسع لتسريع عملية اتخاذ القرارات.

ركزت الإستراتيجية العسكرية الأمريكية، حتى مع الزيادات المتواصلة في أعداد جنودها من القوات الخاصة والمدربين والمستشارين، على تقديم الدعم اللوجستي للقوات الانفصالية بإمدادات عسكرية أو معلومات استخباراتية، وتأمين حماية من نوع مستور لإرهابيي “داعش” الذين أدوا الدور المطلوب منهم، شأنهم شأن القوى الانفصالية الأخرى لجهة تأمين سرقة حقول النفط السورية، ومشاغلة الجيش العربي السوري وحلفائه في أماكن أخرى كالبادية السورية، وريف حلب الشمالي، أي بعيداً عن مصادر الطاقة والقمح.

لقد تركز الانتشار الأمريكي والقوات المتحالفة معه، وكذلك العميلة له على منطقة المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي في معبر التنف الحدودي على مقربة من انتشار الجيش السوري، والقوات الحليفة. ووسّعت القوات الأمريكية انتشارها في منطقة معبر التنف لبناء قاعدة عسكرية غير شرعية لعملائها في منطقة “الزاكف” على بعد حوالي 120 كيلومتراً الى الشمال الشرقي باتجاه مدينة البوكمال في محافظة دير الزور.

بدأت الولايات المتحدة تقديم الدعم لميليشيا “قسد” العميلة منذ تشرين الأول 2014، بعد تشكيل ما يسمى التحالف الدولي في آب من العام نفسه، وارتفع تواجد قواتها في مراكز تواجدها بشكل دائم أو مؤقت في مناطق مختلفة غالبيتها بمحاذاة الشريط الحدودي مع تركيا، ولم تصرح الولايات المتحدة بمواقع تواجدها وانتشار جنودها إلاّ في حالات نادرة دون الإفصاح عن طبيعة مثل هذا التواجد.

اليوم وبعد انتصار الدولة السورية على الإرهاب، وعودتها إلى الجامعة العربية، خرجت أصوات من بعض القيادات الأمريكية لإقناع الرئيس الأمريكي بالانسحاب من سورية، وبات السؤال العريض الذي يتكرر في تلك الأوساط: ما الحكمة من وجود قوات أمريكية في سورية؟ وبالفعل نشر السياسي الأمريكي، كريس مورفي، الذي يرأس اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية الأمريكية، بياناً يشكك في “الحكمة من انتشار القوات الأمريكية في تلك المنطقة”. وكما قالت دارين خليفة، محللة مختصة بالشأن السوري في “مجموعة الأزمات الدولية”: “كلما تعرضت القوات الأمريكية للحوادث، يبرز السؤال من جديد: لماذا هم هناك؟”.