الإسباني غوارديولا يفك عقدة 12 عاماً وناديه الإنكليزي يكمل مشروعه بالعلامة الكاملة
البعث الأسبوعيّة- سامر الخيّر
استطاع المدرب الإسباني بيب غوارديولا المدير الفني لفريق مانشستر سيتي الإنكليزي فكّ عقدة التتويج بأغلى كؤوس مسابقات الأندية الأوروبية، بعد تغلبه في نهائي دوري الأبطال على منافسه الإيطالي إنتر بهدف نظيف، عقدة استمرّت لأعوام منذ خروجه من ناديه الأم برشلونة، حيث استطاع الفوز مع الأندية التي دربها بكل الألقاب الممكنة لكن استعصى عليه هذا اللقب رغم كل محاولاته حتى باتت عبقريته الموصوف بها محل تشكيك بأن ما صنعه مع برشلونة عندما حقق السداسية التاريخية كان سببه فقط الجيل الذهبي من اللاعبين، لكن الناظر بموضوعيّة والمدقق لارتقاء الستي في البطولة خلال السنوات الماضية يدرك أن الوقت قد حان، فهو اليوم وبلا منازع الفريق الأقوى في القارة العجوز لا بل في العالم فمن غير المتوقع أن يستعصي عليه لقب بطولة العالم للأندية بعد أشهر، واليوم سنسلط الضوء على شخصية غوارديولا وبطولاته خلال مسيرته، فهو اليوم ينطبق عليه المثل القائل “النجاح هو مجموع الجهود الصغيرة التي تتكرر يوماً بعد يوم”.
ولد بيب غوارديولا عام 1971 بمدينة سانتبيدور الإسبانية، ولعب كرة القدم في مركز الوسط الدفاعي، وقضى فترته الاحترافية في نادي برشلونة، حيث كان جزء من فريق أحلام يوهان كرويف الذي استطاع تحقيق أوّل كأس أوروبية سنة 1992، كما لعب لعدة أندية منها ناديي بريشيا وروما في إيطاليا، والأهلي في قطر، ونادي دورادوس دي سينالو في المكسيك، وبعد تقاعده أصبح مدرباً لناديه المفضل برشلونة، وفي أوّل موسم له كمدير فاز برشلونة بثلاث بطولات هم الدوري الإسباني وكأس ملك إسبانيا ودوري أبطال أوروبا، ليصبح أصغر مدرب يفوز بدوري أبطال أوروبا.
كمدرب فاز الفيلسوف الإسباني في العديد من الألقاب مع الأندية التي تعاقب على تدريبها، ولعل حصده للسداسية موسم 2009 في أول موسم تدريبي له مع برشلونة، يثبت التغيير الذي أحدثه، وحتى اليوم يملك غوارديولا في رصيده التدريبي 35 لقباً متنوعاً، حققها مع برشلونة وبايرن ميونخ ومانشستر سيتي، حيث تمكن من حصد 14 لقباً مع برشلونة، خلال الفترة بين 2008 و2012، حيث حقق لقب الدوري الإسباني ثلاث مرات، بالإضافة إلى لقب كأس إسبانيا في مناسبتين وكأس السوبر الإسباني ثلاث مرات، أما على الصعيد الأوروبي، فقد حقق غوارديولا لقب دوري أبطال أوروبا في مناسبتين، بالإضافة إلى بطولتي السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية مرتين أيضاً.
ومع انتقاله إلى بايرن ميونخ في الفترة ما بين 2013 و2016 حصد سبعة ألقاب، حيث حصد بيب لقب الدوري الألماني في ثلاث مناسبات، ولقب كأس ألمانيا مرتين، أما عالمياً وقارياً، فقد حقق لقب السوبر الأوروبي مرة واحدة، ولقباً في كأس العالم للأندية.
وأخيراً 14 لقباً مع مانشستر سيتي منذ 2016 وحتى الآن، حيث تمكن من حصد لقب الدوري الإنكليزي خمس مرات، بالإضافة إلى لقب كأس إنكلترا مرتين، ودوري أبطال أوروبا مرة واحدة بالإضافة إلى أربعة ألقاب في كأس الرابطة الإنكليزية للمحترفين، ولقبين في الدرع الخيرية، أما أهم ألقابه مع السيتيزنز فهو تحقيق الثلاثية التاريخية هذا الموسم.
ولتحقيق كتيبة بيب ثلاثيتها بعدٌ آخر فهو عادل إنجاز الغريم والجار مانشستر يونايتد الذي تحقق عام 1999 عندما استطاع الشياطين الفوز بالدوري المحلي والكأس المحلية ودوري الأبطال، لكنها بالنسبة للإسباني بطولة استعصت لـ 12 عاماً، فمنذ تتويجه القاري الثاني عام 2011، خلال أعوامه الثلاثة الأولى مع برشلونة، عانى غوارديولا من سلسلة خسارات في الأدوار المتقدمة، بعضها كان مؤلماً، وبعد السقوط الدرامي أمام تشلسي الإنكليزي في نصف النهائي، في سنته الأخيرة في ملعب كامب نو، توقف مشوار بيب 3 مرات في المربع الأخير مع بايرن ميونخ.
واحتاج مع الفريق السماوي إلى 5 محاولات لتخطي ربع النهائي، ثم بلغ النهائي وسقط في الامتحان الأخير أمام تشلسي قبل سنتين، ليستمر بحث النادي عن لقب أول في البطولة القارية الأم، والعام الماضي كلنا نذكر ما حصل عند الريمونتادا غير المتوقعة من ريال مدريد الإسباني ليودّع مصدوماً الدور نصف النهائي.
لذا كان عليه التفكير جيدا ًبما حصل وإعادة حساباته، وأفضل شيء فعله أنه بسّط الأمور وقلّل من التفكير الزائد الذي كان أكبر نقاط ضعفه لدرجة يعقّد فيها مهمة كتيبته المدججة بالنجوم، فشاهدناه هذا الموسم وخاصة في دوري الأبطال يقوم بعدة تغييرات في تشكيلتها ويغير اعتماده، فهو تخلّى عن البرتغالي جواو كانسيلو، كما تحوّل إلى دفاع بثلاثة لاعبين، وزجّ قلب الدفاع جون ستونز في خط الوسط الذي احتله كانسيلو في المواسم الماضية، فحصد الفريق نتائج رائعة.
وشارك عشرة لاعبين في التشكيلة الأساسية في آخر خمس مباريات في دوري الأبطال، في حين بقي أمثال لاعبي الخط الهجومي الجزائري رياض محرز وفيل فودن، والأرجنتيني بطل العالم خوليان ألفاريس على مقاعد البدلاء، وكان لتفضيل البرتغالي بيرناردو سيلفا على محرز الكثير من الفوائد وخاصة في لقاء الريال حيث حدّ من خطورة جناح الملكي البرازيلي فينيسيوس جيونيور.
يضاف لذلك صفقتان ذهبيتان قام بهما النادي هذا الموسم بطلب من بيب الأولى والأهم هي جلب آلة تسجيل الأهداف النرويجي إيرلينغ هالاند، والثانية هي التعاقد مع السويسري مانويل أكانجي قادما ًمن بوروسيا دورتموند.
وبعد سحق بايرن 4-1 بمجموع المباراتين في ربع النهائي، ثأر سيتي من مدريد حامل اللقب 4-0 في إياب نصف النهائي أمام الجماهير المنتشية في ملعب الاتحاد، وعلى الصعيد المحلي، فرض سيتي نفسه قوّة ضاربة بعدما حسم لقب الدوري 5 مرات في آخر 6 مواسم.
والآن يمكننا القول أن مشروع غوارديولا الذي استُقدم من أجله قد اكتمل وأن مهمته في انكلترا انتهت، فهل سنراه يرحل طواعيةً لتحدٍ جديد أن أنه سيفضل البقاء لعيش نشوة الانتصارات لعام آخر؟