“الأمن القومي” ذريعة للإكراه الاقتصادي
هناء شروف
أعلن مكتب الصناعة والأمن بوزارة التجارة الأمريكية أنه أضاف 43 كياناً جديداً إلى قائمة الكيانات الخاصة به قبل أيام، مما يدلّ على أن الإيماءات التي اتخذتها واشنطن مؤخراً لمحاولة إصلاح العلاقات مع بكين لم تكن سوى عملية قذف كرة.
واحد وثلاثون فقط من ثلاثة وأربعين كياناً هي من الصين، والباقي كيانات ترتبط بالصين، والأسباب التي قدّمتها لجميع الكيانات الـ43 من 10 دول في المجمل المستهدفة، يتهمهم مكتب التسويات الدولية بلعب أدوار معينة في “انتهاكات حقوق الإنسان” في الصين، والمساهمة في برامج الصواريخ الباليستية لجيش التحرير الشعبي، وتدريب طياري سلاح الجو في جيش التحرير الشعبي على طائرات غربية.
على الرغم من أنه كالعادة لم يتمّ تقديم أي شيء لدعم هذه الادّعاءات، إلا أن “الاتهامات” التي وجهتها الولايات المتحدة ليس لها أي شرعية. لقد تمّت إضافة نحو 600 كيان صيني عالي التقنية إلى قائمة الكيانات، التي تخضع للعقوبات، منذ إدارة دونالد ترامب السابقة، لكن القائمة التي يُزعم أنها تحمي “الأمن القومي” هي ببساطة ذريعة للإكراه الاقتصادي التي تقوم به الولايات المتحدة.
بالنظر إلى أن الولايات المتحدة كانت تحاول تضخيم “الإكراه الاقتصادي” الصيني باعتباره تهديداً عالمياً خلال الأشهر الماضية، لكن تزايد القائمة باستمرار يظهر أي دولة هي المخترع، وصاحب براءة الاختراع، والمنفذ للإكراه الاقتصادي.
كما تشير ملاحظات نائب وزير التجارة الأمريكي دون جريفز حول الخطوة الأخيرة، بأن وزارة التجارة الأمريكية تعتبر قائمة الكيانات واحدة من أقوى أدوات السياسة التي لدى أمريكا وتحت تصرفها.
في الاجتماع بين وزيري التجارة الصيني والأمريكي في 25 أيار الماضي، والذي كان الجانب الأمريكي يتطلع إليه، وتمكّن من الترتيب له أخيراً على أرضه بعد الحصول على موافقة الجانب الصيني، اتفق الجانبان على بناء قنوات اتصال للحفاظ على التبادلات بشأن الاهتمامات التجارية الملموسة ومسائل التعاون.
ومع ذلك، فإن الجهود الكبيرة التي قطعها الجانب الأمريكي حتى هذا الوقت -حيث استهدف 12 شركة أخرى من تسع دول في الشرق الأوسط، وجنوب شرق آسيا وأوروبا وأفريقيا، وجميع الشركاء المهمين للصين، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بالصين- ينبغي أن تعيد المعاني الحقيقية لـ”النظام القائم على القواعد”، و”المنافسة”، و”عدم المخاطرة” التي تدفع واشنطن من أجله.
من خلال قطع جميع وسائل التراجع حتى أولئك الذين يرفضون القفز على عربتها المعادية للصين، من الواضح تماماً من الذي يجبر العالم من أجل غاياته الضيّقة.
تعتبر الولايات المتحدة اليوم الضرر الوحيد لما تسبّبه للصناعة العالمية، وسلاسل التوريد من خلال تسليح التجارة والتكنولوجيا، وهذا الثمن يتعيّن على العالم دفعه مقابل لعبتها الجيوسياسية للحفاظ على هيمنتها، وبناء أمنها على حساب أمن الآخرين.