“أستانا” بمعطيات جديدة
علي اليوسف
قد يكون اجتماع أستانا المزمع عقده 21 حزيران الجاري على مستوى نواب وزراء الخارجية مختلفا كلياً عما سبقه من جولات، وأسبابنا في ذلك كثيرة ومنها أنها تأتي وقد عادت سورية الى الجامعة العربية، وحضور السيد الرئيس بشار الأسد القمة العربية في جدة، حيث حدد في كلمته مسار الحلول التي لن تتنازل عنها الدولة السورية، وهي إنهاء الاحتلال التركي للأراضي السورية، وانسحاب كل القوات الأجنبية غير الشرعية منها، إضافة إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لسورية، ووقف دعم الإرهاب.
في المقلب الأخر، يأتي اجتماع أستانا بعد فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفترة رئاسية جديدة، وهو ما يؤهله لاتخاذ القرارات التي ترضي الدولة السورية دون ضغوط داخلية – كما يدعي – وحتى خارجية ما دامت روسيا وإيران الضامنان والراعيان لهذه الاجتماعات منذ بدء انطلاقتها في كازاخستان عام 2015، والتي بدأت ملامح حلحلتها تظهر للعيان اليوم، وتحديداً عقب تصريح نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، قبل انطلاق اجتماعات أستانا بأيام، والذي يوحي بأن مسودة خارطة الطريق للانسحاب التركي من الأراضي السورية باتت “جاهزة”.
بهذا المعنى لا توجد مستحيلات في عالم السياسة، وما يغمز إليه بوغدانوف هي اشارات ايجابية لما تم التوصل إليه خلال جولات التفاوض السابقة. لكن حتى هذه الاشارات الايجابية تحتاج الكثير من الجانب التركي – أصل الأزمة في سورية – خاصةً أن وضع النظام التركي ما بعد الانتخابات ليس كما قبله، إذ يشعر رئيس النظام التركي بأنه حقق انجازاً داخلياً جعله في حالة أفضل، وهذا يتطلب منه ألا يستثمر في ملف اللاجئين السوريين، والتوقف عن مشروع تنفيذ مدن الطوب في الشمال السوري، والأهم تحديد علاقة تركيا وأجهزتها الاستخبارتية مع ما يسمى “جبهة تحرير الشام” الارهابية، والإقرار بمبدأ الانسحاب من الأراضي السورية، ووضع جدول زمني لهذا الانسحاب.
صحيح أن المشهد يبدو معقّداً على طاولة النقاش المرتقب في العاصمة الكازاخية، لكن لا يوجد مستحيل لتحقيق أي خرق، خاصةً أن أردوغان تجاوز الانتخابات، وزالت عدّة “عوامل ضغط” عنه، وهو ما يمهد الطريق لـه – إذا كانت لديه نوايا صادقة – لتحقيق اتفاق، أو “جدول زمني للانسحاب”، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لإزالة الأسباب الموضوعية لأصل الأزمة.