الإكراه الاقتصادي للولايات المتحدة
ترجمة: عائدة أسعد
من المقرّر أن تسمح الولايات المتحدة لصانعي الرقائق في كوريا الجنوبية وجزيرة تايوان بمواصلة العمل، وتوسيع عملياتهما الحالية لصنع الرقائق في البر الرئيسي الصيني دون قلق من التراجع من إدارة جو بايدن.
ووفقاً لتقرير في صحيفة “وول ستريت جورنال”، قال آلان إستيفيز، وكيل وزارة التجارة الأمريكية للصناعة والأمن، أمام تجمع لجمعية صناعة أشباه الموصلات الأسبوع الماضي، إن إدارة بايدن تخطّط لتمديد الإعفاءات السابقة للرقابة على تصدير الرقائق التي منحتها لكبار مصنّعي الرقائق، مثل “سامسونغ، وإس كي، وهاينكس، وتي إي إم سي”، مما يسمح لهم بإرسال أدوات صنع الرقائق الأمريكية إلى مصانعهم في البر الرئيسي الصيني.
وتجدر الإشارة إلى أنه مع استحواذ البر الرئيسي الصيني على 40 في المائة من صادرات الرقائق، انخفضت صادرات كوريا من الرقائق بأكثر من 36 في المائة في أيار الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كما بدأ التراجع قبل 10 أشهر نتيجة للضغط الذي مارسته واشنطن على كوريا لتقييد وصول البر الرئيسي الصيني إلى أشباه الموصلات، بينما كانت سيؤول تضغط على واشنطن لتخفيف قيود الصادرات منذ شهور.
إن عدم تلقي اليابان، للقدر نفسه من الإحسان، وهي حليف رئيسي آخر للولايات المتحدة في حرب الرقائق ضد بكين، يُظهر أن التكلفة والعائد الذي تنفذه واشنطن في الوقت الذي تحاول فيه السيطرة على سلاسل التوريد إجراء يشبه الرذيلة!.
على الولايات المتحدة الاعتراف بأن شنّ حرب شرائح شاملة ضد الصين أمر غير مستدام، وقد أشارت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، في جلسة استماع للجنة الخدمات المالية بمجلس النواب إلى أنه سيكون من الخطأ أن تحاول الولايات المتحدة الانفصال عن الصين، ودعت إلى تعميق الروابط الاقتصادية بين أكبر اقتصادين في العالم قائلة: “أعتقد أن العلاقة الاقتصادية مع الصين حاسمة، وأننا نربح والصين تكسب من التجارة والاستثمار المفتوحين قدر الإمكان، وستكون محاولتنا الانفصال عن الصين كارثية”.
وتسعى الولايات المتحدة، من خلال جعل الإعفاءات، والتراخيص التي تصدرها للشركات الأجنبية، إلى ممارسة السيطرة على الصناعة العالمية، وسلاسل التوريد، كما تحاول بهذه الطريقة اختطاف التجارة العالمية من خلال المنافسة، والنظام القائم على القواعد، والفصل بين المخاطر.
كما أن ما فعلته الولايات المتحدة قد قوّض بشكل خطير قواعد التجارة الدولية، والنظام الاقتصادي والتجاري العالمي، بالإضافة إلى أنه سيشكل تهديداً كبيراً لاستقرار سلاسل الصناعة، وسلاسل التوريد العالمية، وليست الصين وحدها ، بل بقية العالم هو الذي سيقع ضحية الإكراه الاقتصادي للولايات المتحدة.
وعلى الرغم من ذلك، لا يلوح في الأفق أن تدفع احتجاجات حلفاء الولايات المتحدة أو تحذير وزيرة الخزانة الأمريكية للإدارة نحو تغيير سياستها قصيرة النظر تجاه الصين، وإنما سيحفزونها فقط على تبني المزيد من العبارات الشائكة، مثل عدم المخاطرة للتغطية على الطبيعة القسرية، والبلطجية والقسامية، والقمعية لممارساتها.
يجب على إدارة جو بايدن أن تنتهز زيارة وزير خارجيتها للصين كفرصة للالتزام بإجراءات حقيقية تتناسب مع رغبتها المعلنة في التعاون مع الصين، ولكن بالنظر إلى الزيارة الطويلة التي قام بها كبير الدبلوماسيين على أنها فرصة أخرى لإنشاء صندوقها، فإن احتمالات أن تحقق زيارة وزير الخارجية أنطوني بلينكن، أي نتائج إيجابية لن تكون عالية جداً، وإذا كان هذا هو الحال، فإن الفرصة في وضع العلاقات الثنائية على مسار أكثر تفاؤلاً ستكون قد ضاعت.