استثمار في محله
معن الغادري
رغم كلّ الظروف الصعبة وضعف وقلّة الإمكانات، دأبت جامعة حلب خلال الآونة الأخيرة على تطوير آليات عملها من خلال برامج عملية مكثفة، تهدف إلى الانتقال من حالة التعلّم إلى التعليم، وتعميق فكرة ربط الجامعة بالمجتمع، كعامل مهمّ وأساسي في تنمية القدرات الذهنية والمعرفية، وتطوير المهارات واكتساب الخبرة والكفاءة المبكرة لدى الطلاب بمختلف اختصاصاتهم لتمكينهم من دخول سوق العمل مبكراً، وإحداث الفارق أو التغيير الإيجابي المطلوب في نمطيات وآليات العمل النافع والمجدي.
في هذا السياق، أسّست الشراكة بين غرفة صناعة حلب وجامعة حلب، والمستمرة منذ خمسة أعوام، لعلاقة وانطلاقة واثقة نحو توطيد وتعزيز شعار ربط الجامعة بالمجتمع، وتدعيم روائز الاستقرار المجتمعي من خلال توفير فرص عمل للخريجين وتقوية دعائم العملية التنموية والإنتاجية، وخاصة خلال هذه المرحلة التي تتطلّب جهوداً استثنائية لاستكمال وإنجاز مشروع بناء سورية المتجدّدة. ونعتقد أن هذه التجربة والتي عشنا تفاصيلها عن قرب قبل يومين في معامل وورشات المدينة الصناعية بالشيخ نجار، تشكل مكوناً ومرتكزاً اقتصادياً متكاملاً، فهي تجمع كلّ عناصر إنجاح آليات العمل النظري والتطبيقي، وهو ما لفت إليه الدكتور إبراهيم حديد، أمين فرع جامعة حلب للحزب، الذي كان حاضراً مع الطلبة، منوهاً بضرورة توطين هذه الثقافة راهناً ومستقبلاً كرافعة وحامل وحاضن للعملية التنموية والإنتاجية، ومدخل لحلحلة مجمل ما تعانيه مؤسساتنا في القطاعين العام والخاص بمختلف اختصاصاتها من مشكلات وصعوبات ومعوقات، واللحاق ما أمكن بركب التطور العلمي والمعرفي وفي مختلف المجالات قبل أن يفوتنا القطار.
إن سياسة فتح الأبواب أمام الشباب والطلاب واستثمار وتوظيف طاقاتهم وحماستهم تجعلهم أكثر قدرة على الإبداع والابتكار، وهو أكثر ما نحتاج إليه في هذه المرحلة تحديداً في ضوء إفرازات وتداعيات الحرب الإرهابية والحصار الاقتصادي، لنكون أقوى وأشد عزيمة في مواجهة تحديات المستقبل والاستجابة السريعة والناجعة للمتغيرات والتعامل مع المشكلات والأزمات الطارئة بجرأة العارف والمتعلم والمتمكن، وفتح آفاق رحبة تركز على رؤى وخطط وبرامج وأفكار قابلة للتطبيق ترسم مستقبلاً أفضل وأحلى للأجيال القادمة.
وعلى اعتبار أن هذا الملف على قدر كبير من الأهمية ومتفرع المهام والاختصاصات، يجب ألا تقتصر رعايته ودعمه على جهة دون أخرى، وبالتالي لا بدّ من تعاون وثيق وتشاركية فاعلة ومؤثرة بين جامعة حلب وكافة الهيئات الخاصة والأهلية والمنظمات والنقابات للوصول إلى نتائج حقيقية وملموسة تنعكس إيجاباً على مستقبل طلابنا وشبابنا ومجتمعنا، وهو السبيل الوحيد لمواجهة ما ينتظرنا من تحديات، ويجعلنا أقوى قدرة على كسر كلّ الحواجز والقيود.