صحيفة البعثمحليات

الأسواق والواقع والناس !

وائل علي

بات من المؤكد أن مجمل ما يجري ينضوي ضمن خانة اللامعقول، وأن للواقع كلمته وقوته وحضوره الطاغي القادر على الفعل والحركة كلاعب سيرك ماهر يتحكم بأدواته بمنتهى المرونة والليونة والبراعة حد إدهاش المتفرجين الذين يحبسون أنفاسهم على وقع تقلباته وخضاته.. وكل ذلك أنتج واقعا يفرض ويفصل على مقاس لاعبيه ما يريدون بلا ضوابط أو قيود، استولدت معها قناعة راسخة لدى الناس أن الكل يغني على ليلاه، وأن الرياح تسير بما لا يشتهي سفنهم، طالما أن وجود الوازع والرادع من عدمه سيان.. لا يقدم ولا يؤخر، مع الأسف!

وعليه، من الطبيعي أن يقفز سعر البيضة لألف وثلاثمئة ليرة، وكغ العجل المفروم “المسوفة” لثمانين ألف ليرة، و”ليّة” الخروف لمئة ألف ليرة، وسطل اللبن المغشوش بـ “النشاء” لثمانية آلاف ليرة والأرز لتسعة آلاف ليرة، وبيدون زيت الزيتون سعة 18 ليتراً لستمائة ألف ليرة، والليتر لثمانين ألف ليرة…!؟

وكذا الحال بمعالجة ملفات مشكلاتنا المستفحلة المعلقة مع النقل واستجرار النفط وتلكؤ العملية الاستخراجية وترنح تواتر توريداته وتلاعبات التقنين الخفية والكهرباء التي تخلت عن واجباتها ومبرر وجودها لتفاجئنا بنصائح وإرشادات سحرية حول الطاقات البديلة وإلقاء أثقال المعالجات على المواطن المهترئ تعبا ونكدا وهما، إلى التربية التي لم يبق من اسمها نصيب، والتعليم العالي التي تناست البحث العلمي لتكتفي بيافطته، والجامعات التي خسرت أرقام تصنيفها المتقدمة وعجزها عن معالجة أوجاع مدنها الجامعية، والزراعة التي لم تتمكن من حماية مزارعيها ومنتجيها، والصناعة التي لم تنجح في إعادة دوران عجلات معاملها، والحال ذاته ينسحب على الصحة التي تحكي مشافيها أي حال وصلت إليه بعد أن هجرتها الخامات والكفاءات، إلى المشاريع المتعثرة التي لايراد لها الإقلاع..

وكما كانت الغلبة والكلمة دائماً للأقوى، فإن الباقي تفاصيل وشكليات لا تحل ولا تربط ولا تستدعي – على ما يبدو – تشغيل محركات البحث عن أسبابها ومبرراتها ومعالجة الجمل بما حمل وليس أذنه!

وبغير ذلك لم، ولن تستقيم الأمور، ويرتدع “الفجار” الذين حولوا نعيم الحياة جحيماً لا يطاق، وفوق ذلك إلقاء اللائمة على رقبة المواطن!

ALFENEK1961@YAHOO.COM