ماذا وراء الأكمة؟!
بشير فرزان
لا يخرج القرار الموجّه من رئاسة مجلس الوزراء إلى وزارة الإدارة المحلية والبيئة، لمتابعة موضوع الأمبيرات وإحالة المخالفين إلى القضاء حسب الأنظمة والقوانين النافذة، عن تفاصيل المثل القائل “على هامان يافرعون!”، كونه محاولة لذرّ الرماد في العيون، وتحديداً لعدم الوضوح، فهو لم يمنع أو يقمع ولم يحدّد المخالفة بشكل صريح، وإذا استبعدنا فكرة “استغباء المواطن” رغم كونها الحقيقة الواضحة الكامنة خلف إصدار مثل هذا التوجيه، فنحن أمام، إما قرار يرمي الكرة في مرمى الوحدات الادارية، أو أنه نوع من الالتفاف على الواقع لشرعنة الأمبيرات وإدخالها قائمة المطالب الواجب تنفيذها لتحقيق رضى المواطن. وفي كلتا الحالتين هناك الكثير من إشارات الاستفهام، خاصة وأن القرار يمثل حالة من الاستيقاظ المتأخرة. ونذكر هنا أن الإعلام سلّط الضوء على موضوع الأمبيرات أكثر من مرة، إلا أنه كان يصل إلى نهايات مسدودة نظراً لعدم وجود أي معلومة، أو بالأحرى لتكتّم وزارة الكهرباء والمحافظات عنها، وكانت الإجابة: “لا علاقة لنا ولم نرخص لأي مستثمر”!!.
ولا شكّ أن الغموض والإبهام وغياب الجهات المعنية مهّد لحالة البلبلة السائدة نتيجة القرار، هذا إلى جانب أن الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي شرعن حالة الاعتماد على نظام “الأمبيرات” الذي لجأت إليه محافظات عديدة لتأمين التغذية الكهربائية الدائمة، كما هو الحال منذ فترة طويلة في حلب، ولا تزال تعتمد على الأمبيرات، واللاذقية أيضاً، إضافة إلى انتشارها في الغوطة الشرقية في محافظة ريف دمشق حيث تعاني المدن والبلدات من الواقع الكهربائي السيئ. واليوم أخذت هذه المنظومة توسّع نطاق عملها في باقي الريف الذي وصلت ساعات القطع فيه إلى 5 ساعات مقابل نصف ساعة وصل، وحالياً الأمبيرات في دمشق.
وعلى الرغم من أن انتشار الأمبيرات لاقى معارضة من الشارع في البداية، وخاصة لناحية التكاليف والأعباء المادية التي يفرضها، إلا أنه بات الحلّ المتوفر أمام مواطنين كثيرين ملّوا العتمة وأدركوا التحديات التي تواجه وزارة الكهرباء لتوفير هذه الخدمة لساعات طويلة، فالحصار والعقوبات عرقلا وصول إمدادات حوامل الطاقة اللازمة لتشغيل محطات التوليد، كما أعاقا تأمين القطع التبديلية اللازمة للمحطات والمحولات والشبكات التي تمّ تخريبها خلال سنوات الحرب، وبات الكثير منها خارج الخدمة، وبعضها يعمل على “آخر نفس”، كما يُقال نظراً لاستنزاف طاقتها وعدم إجراء صيانات دورية لها. وهنا نسأل وزارة الكهرباء عن الحلول المتوفرة لديها لمعالجة الواقع الكهربائي والخروج من حالة الإخفاق المستمرة التي تخيّم بالعتمة على يوميات المواطن؟
وقد يكون توجيه الاتهام بتواطؤ بعض الجهات المعنية بالواقع الكهربائي مع المستثمرين بالأمبيرات سابق لأوانه، رغم أن شبكات الأمبيرات تمّ مدّها على الأعمدة الخاصة بالشبكة النظامية دون أن تعارض أو تقدّم أي مبرر، وهذا السكوت يعني الموافقة الكاملة.. فماذا وراء الأكمة؟ كما يُقال.