عنصرية الاستيطان الصهيونية
ريا خوري
تمادت أصوات الأحزاب والقوى المتطرّفة داخل حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية في تجاهل كل النداءات الدولية للتعقّل وخفض التصعيد، ووقف العنف، وعدم جرّ المنطقة إلى دوامة جديدة من الدمار والخراب والعنف، فوتيرة الاعتداءات المتتالية على منازل الفلسطينيين، وممتلكاتهم في قرى الضفة الغربية المحتلة، استمرّت وازدادت حدّة بشكلٍ مخيف، وبعد الاعتداء السافر على قرية ترمسعيا، ومن قبلها بلدة حوارة، جاء الدور على القرية الفلسطينية الوادعة، أم صفا، شمال رام الله، بالتوازي مع إعلانات إسرائيلية رسمية عن مصادرة مزيد من الأراضي الفلسطينية لتوسيع رقعة الاستيطان الصهيوني.
ومؤخراً، دعا مجرم الحرب إيتمار بن غفير، وزير ما يسمّى الأمن القومي الصهيوني، صراحة، إلى قتل مئات آلاف الفلسطينيين، وتدمير بيوتهم وممتلكاتهم في كامل الضفة الغربية، وهذا العنصري لم يكن الوحيد من قادة الكيان الذي يصرّح بذلك، بل شاركه فيها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي أوكلت إليه حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية مهمّة اتخاذ القرارات بشأن التمدّد الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة. وقد تمّ اتخاذ هذه الخطوة دون أي اعتبار لتداعياتها السلبية لأنها ستدمّر أسس السلام المفترض.
الواضح أنّ الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة يقف على صفيح ساخن أو حافة الهاوية، وربما لم تعرف هذا التدهور الخطير منذ اتفاقيات أوسلو، وتشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية، وما رافق ذلك من وعود وتعهّدات دولية بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، لكن الزمرة المتطرّفة في “إسرائيل” عملت ولا تزال تعمل على نسف كل تلك الأسس والركائز، ولا تؤمن بحل الدولتين على الرغم من وجود اتفاقيات دولية وقرارات شرعية، بل إن الخطاب العنصري الإسرائيلي عاد إلى أيام النكبة الفلسطينية عام ١٩٤٨ من خلال التحريض على إحراق القرى والمدن والبلدات والمزارع وقتل المدنيين، وتهجيرهم عن ديارهم دون رجعة.
هذا السلوك ليس مجرّد خطاب سياسي عابر، وإنما أصبح سياسة عملية يجري تنفيذها بشكلٍ منظم ومداوم من أهم الوزارات في الكيان الصهيوني، من خلال تسريع بناء الوحدات الاستيطانية، والتخطيط لبؤر استيطانية أخرى في كل الأراضي والمناطق الفلسطينية الحيوية لمستقبل الدولة الفلسطينية، إذا قدّر لها أن تقوم في يوم من الأيام على الأرض الفلسطينية.
وعليه فإنّ هذا النهج العنصري المدمّر لن يجلب الأمن والأمان والاستقرار الذي يتوهّم الكيان أنه سيحققه بالغطرسة والعنجهية والقوة، لذلك على هذا الكيان الاعتراف بحق الشعب العربي الفلسطيني في الوجود، وأن يكون له دولة ومستقبل على أرضه التاريخية. أما محاولات شطب الحقوق، وتزوير الحقائق والسطو على التاريخ فطريقها قصير وغير مجدٍ، لأن من ينهج هذه السياسة العنصرية المتوحّشة سترتدّ عليه في مرحلة ما، وهذا ما سيكون مصير هذا الكيان الغاصب.