انقسامات بارزة في الناتو
عائدة أسعد
من المتوقع أن تنتخب الدول الأعضاء في الناتو زعيماً جديداً لها في قمة المنظمة التي ستعقد يومي 11 و 12 تموز القادم في فيلنيوس، ليتوانيا، ليكون خلفاً لأمينها العام الحالي ينس ستولتنبرغ، الذي تمّ تمديد ولايته مرتين منذ انتهاء صلاحيته العام الماضي.
لكن يبدو أن التمديد الثالث لا مفر منه، لأن أعضاء التحالف العسكري البالغ عددهم 31 عضواً غير قادرين على الاتفاق على من سيخلفه. وعلى الرغم من ادعائه المتكرر بأنه لن يسعى إلى التمديد مرة أخرى، لكن رئيس الناتو الحالي ترك الخيار مفتوحاً أيضاً.
لقد كان ستولتنبرغ، رئيس وزراء النرويج الأسبق، شخصاً فعالاً في مناورة نهج الناتو الموحد والقوي للعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، وبالتالي فإن استمرار وجوده على رأس حلف الناتو من شأنه أن يفضي إلى استمرارية السياسة، وصورة وحدة التحالف عبر الأطلسي، حيث كان مخلصاً لخط واشنطن وإملاءاتها.
ومع ذلك، لن يبقى ستولتنبرغ إلى الأبد، ولا يمكن لحلف الناتو أيضاً الالتفاف على الانقسامات الداخلية التي تقوض وظائفه.
إن الفشل في بناء إجماع على خليفته هو رأس الجبل الجليدي الضخم الذي يزعج الناتو، وقد أفادت وسائل الإعلام في المملكة المتحدة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحاول منع وزير الدفاع البريطاني بن والاس من الحصول على وظيفة ستولتنبرغ، على أساس أن شخصاً ما من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يجب أن يتولى هذا الدور، والمملكة المتحدة لم تعد من أعضائه، ولكن على الرغم من أن هذا قد يكون مجرد الموقف المعتاد لوسائل الإعلام البريطانية المناهض للاتحاد الأوروبي، هناك تقارير في أماكن أخرى تفيد بأن بعض الدول لا تتقبل فكرة وجود رئيس ثالث للناتو على التوالي من إحدى دول الشمال، على الرغم من أن رئيس وزراء الدنمارك، ميت فريدريكسن، الذي يفضله الكثيرون كمرشح محتمل، قد استبعد ذلك.
وأما في حال تعلق الأمر بتوسيع العضوية، فإن تركيا رفضت حتى الآن التصديق على قبول السويد، بعد أن أعطت أخيراً الضوء الأخضر لفنلندا، وهي علامة أخرى على الخلاف بين أعضاء الناتو، حيث اتهمت تركيا السويد بإيواء إرهابيين من حزب العمال الكردستاني المحظور.
وحتى فيما يتعلق بالمخاوف الأمنية الملحة، والتي تفاقمت بشكل كبير بسبب الصراع في أوكرانيا، فإن أعضاء الناتو على خلاف واضح، حيث دعا البعض إلى الاستقلال الأوروبي في الشؤون الأمنية.
وفي مناشدة الاتحاد الأوروبي الأخيرة بعدم التصرف كأداة بيد الولايات المتحدة، حث الرئيس ماكرون منذ أيام قليلة الدول الأوروبية على السعي لمزيد من الاستقلال في مجال الدفاع الجوي، وتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة، حيث تعتقد حكومته أن برنامج تكامل الدفاع الجوي الأوروبي الذي تقوده ألمانيا يعتمد بشكل مفرط على التقنيات الأمريكية والإسرائيلية.
على الرغم من الإجماع العام على وجود أكبر للناتو في “المحيطين الهندي والهادئ”، فقد يكون من الصعب على أعضائه الاتفاق على المدى الذي ينبغي أن يذهب إليه الناتو في توسيع نفوذه في المنطقة، وبالتالي سيكون هذا موضوعاً مهماً آخر للمناقشة في قمته التي ستعقد في تموز.