تحقيقاتصحيفة البعث

أسعار اللحوم والأسماك في طرطوس تحلّق.. والمواطن يشتري بالقطعة!

دارين حسن

شهدت أسعار اللحوم بنوعيها الحمراء والبيضاء ارتفاعاً كبيراً خلال الأيام القليلة الماضية في أسواق طرطوس، وخاصة قبيل وخلال أيام العيد، وما زالت ترتفع، واللافت هو التفاوت في الأسعار بين بائع وآخر، ومنطقة وأخرى، ولم يتوقف الأمر عند حدّ الغلاء، بل هناك غش واضح في النوعية، إذ تباع لحمة العجل على أنها غنم وسمك المشط إنتاج المزارع والسدود على أنه بحري، كما يباع السمك الأحمر على أنه سلطاني، وسط  غياب الرقابة وإحجام المواطن عن الشراء أو الاكتفاء بشراء قطعة أو اثنتين “علها تسدّ الرمق”.

مجاراة ارتفاع الأسعار

اللحامون وبائعو السمك اشتكوا من ضعف الحركة الشرائية، وعزوا أسباب ارتفاع الأسعار إلى مجاراة الغلاء الحاصل لجميع السلع والمواد والمنتجات في الأسواق، حسب تعبيرهم، إذ بيّن بائع السمك رجب منذر  أن ارتفاع أسعار السمك يعود للظروف والحالة الجوية، وارتفاع أجور النقل والكميات المصطادة من البحر وحسب السعر في مزاد بيع السمك بطرطوس، كما يعود ارتفاع السعر إلى نوع وحجم السمك، والموضوع (عرض وطلب)، فمثلاً تم اصطياد كميات كبيرة من سمك البلميدا وصلت إلى طن، وبعد أن كان سعره بـ ٣٠ ألف ليرة انخفض إلى ٢٠ ألفاً، مشيراً إلى أن أكثر الأنواع المرغوبة والمطلوبة هي السمك الشعبي كالسردين والغبس والسكمبري، حيث يتراوح سعر كيلو السردين بين ٢٤- ٢٧ ألف ليرة والسكمبري بين ٢٥- ٣٣ ألفاً للكغ، وأن الأسماك الصغيرة سعرها أقل كسمك الغبس الصغير الذي يتراوح سعر الكيلو منه بين ٢٠- ٣٠ ألف ليرة، بينما الكبير منه بين ٣٠- ٥٠ ألفاً وسمكة السرغوس الكبيرة يصل سعرها إلى ٢٨ ألف ليرة، وهامش ربحنا ١٦%.

حركة خجولة

وأوضح بائع آخر أنه في فصل الصيف تكثر أنواع معينة من السمك كنوع الفرنسي والسلطاني الذي يقارب الـ ١٥٠ ألف ليرة للكغ، والسلمورة يصل إلى ٣٠ ألف ليرة، كما أن سعر القريدس يفوق المئة ألف للكغ، لافتاً إلى أن بعض الناس تستدين ومنهم من يلتزم بالدفع عند مطلع كل شهر، ومنهم من يدفع كل شهرين إثر ضعف الرواتب والأجور، فليس لدى المواطنين المقدرة على شراء جميع احتياجاتهم، وبالمقابل لدينا معاناة كبائعين، إذ نعاني من انقطاع الكهرباء، فنضطر لاستخدم قطع الثلج لتبريد السمك، إضافة لارتفاع أسعار أكياس النايلون التي وصل سعر الكيلو منها إلى ٢٠ ألفاً وبذلك يكون سعر الكيس ٤٠٠ ليرة، وتلك التكلفة تنعكس على ارتفاع سعر المادة التي يقلّ الطلب عليها كثيراً في فصلي الربيع والصيف، في حين يكثر في فصلي الخريف والشتاء.

غش الزبائن

وأكد عدد من المواطنين أنهم يتعرّضون للغش عند شراء الأسماك، وكلامهم أيده بعض البائعين، حيث يباع سمك المرجان “اللون الأحمر” بسعر  يصل إلى ٣٠ ألف ليرة للكغ على أنه سلطاني، علماً أن البائع قد اشتراه بـ 7-9  آلاف ليرة، وأن سعر الكيلو منه يصل إلى ٨٠ ألف ليرة، كما يباع سمك نوع مشط وهو إنتاج مزارع أو سدود على أنه سمك بحري والناس تجهل ذلك لعدم خبرتها!.

٥٠% نسبة الزيادة

وأثناء السؤال عن أسباب ارتفاع أسعار السمك، رغم أن طرطوس محافظة بحرية، بيّن رئيس جمعية الصيادين فاروق بهلوان، أن بحرنا اسمه “البحر الميت” نظراً لقلة الأسماك المصطادة نتيجة الصيد العشوائي، مؤكداً أن الزيادة في السعر هذا العام عن سابقه وصلت إلى ٥٠% وأن السعر يزداد وينخفض حسب الكميات التي يتمّ اصطيادها والسعر عرض وطلب.

واللحوم الحمراء أيضاً

وبدوره قال نمر عجيب أحد بائعي اللحوم الحمراء إن سوء الأوضاع الاقتصادية للمواطنين تسبّب في إحجامهم عن شراء اللحمة الحمراء ولمدة طويلة، وأشار خلال حديثه إلى أن سعر كيلو الغنم قارب الـ ٨٥ ألف ليرة والعجل ٧٠ ألف ليرة، وأن سعر الكيلو يعود للتكلفة التي يتكبدها البائع من محروقات للمولدة وأجور صيانتها، ومصدر اللحمة حسب المسلخ والتاجر الذي يأتي بها من محافظة حماة، إضافة إلى ارتفاع أجور النقل، مضيفاً: نسعّر حسب نشرة التموين المستقرة نسبياً والتي تصدر كل شهر مرة أو كل أسبوعين نتيجة قلة الطلب على المادة، في حين أن النشرة التموينية تصدر يومياً للفروج كونه أكثر طلباً.

عدم الالتزام بالنشرة

من جهته أشار بائع الفروج سليم محمد إلى الصعوبات التي تعترض عمله وتنعكس على زيادة سعر كيلو لحم الفروج، فالمحل يحتاج لمولدة تعمل على البنزين وسعر البيدون منه ١٥٠ ألف ليرة، ولم يخفِ عدم التزامه بنشرة التموين لأنها ظالمة، حسب تعبيره، حيث يسعّر حسب الكمية التي ترده من المعتمد ويأخذ هامش ربح ٥٠٠ ليرة لكل كيلو، لافتاً إلى أن أكثر الأنواع طلباً هي ظهر الدجاج / ١٥/ ألف ليرة للكغ والجوانح والسودة التي وصل سعرها إلى ٤٠ ألف ليرة، في حين أن سعر كيلو “الفخذ” ٣٢ ألفاً والسفن بعظمه ٣٦ ألف ليرة للكغ ودون عظم ٤١ ألف ليرة.

عزوف عن التربية

وفي السياق لفت بائع الفروج والمربي سمير محفوض “عضو غرفة الزراعة السابق” إلى أن ارتفاع مستلزمات التربية كالعلف والمازوت والمتممات العلفية أدى إلى عزوف المربين، مستهجناً أن يكون سعر طن العلف في أسواقنا أكثر من دول الجوار بأربعة ملايين ليرة! مضيفاً: منذ أكثر من ستة أشهر لم يحصل المربي على متممات علفية رغم وجود الأعلاف مخزنة في المستودعات، ولا يتجاوز عدد المربين حالياً ١٠% على مستوى سورية!!.

وبيّن محفوض أن حال الناس محزن، فالغالبية تشتري بالقطعة أو اثنتين بعد أن وصل كيلو الجوانح إلى ١٩ ألف ليرة، وسعر الفروج الحي ١٩ ألف ليرة للكغ ليوم الخميس وحسب نشرة التموين، في حين أن سعره مذبوحاً ومنظفاً ٢٠ ألف ليرة للكغ، مضيفاً: نسعّر حسب نشرة التموين لأن قيمة أي ضبط بالملايين وليس من مصلحة أي بائع المخالفة، متسائلاً: هل يكفي راتب الموظف ثمن فروجين شهرياً؟.

٣٠% نسبة التربية

رئيس اتحاد فلاحي طرطوس فؤاد علوش أكد لـ”البعث” عزوف عدد كبير من مربي الدواجن عن التربية التي وصلت نسبتها إلى ٣٠% فقط في محافظة طرطوس، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف ومستلزمات التربية والإنتاج وبشكل كبير يفوق قدرة المربي على الاستمرار، ورفد السوق المحلية بالمادة من لحم وبيض، إذ وصلت تكلفة كيلو اللحم على المربي إلى ١٩،٥٠٠ ليرة، كما لعب النقل وعدم توفر المحروقات وارتفاع ثمنها دوراً كبيراً في ارتفاع السعر في السوق المحلية الذي يتغيّر بشكل يومي، فبعد أن انخفض سعر كيلو اللحم إلى ١٦ ألفاً عاود الارتفاع متوقعاً أن يتراوح بين ١٥-٢٠ ألف ليرة للكغ ما لم يتمّ دعم القطاع والنهوض به وإنعاش العاملين به لرفد السوق بالمنتجات الغذائية القيمة.

سعر متذبذب

كما لفت رئيس جمعية اللحامين بطرطوس باسم سليمان إلى أن الزيادة في أسعار اللحمة الحمراء أكثر من النصف هذا العام مقارنة بالعام الماضي، مؤكداً أن السعر متذبذب وكل يوم سعر جديد وقد يزداد السعر في الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن سعر كيلو لحم الغنم وصل إلى ١٠٠- ١٥٠ ألف ليرة قبل عيد الأضحى، بسبب زيادة التكاليف من نقل ومحروقات ومحدودية الحركة بين المحافظات.

متابعة وفشل..!

ولم ينفِ مدير التجارة الداخلية بطرطوس نديم علوش حالة الغش في عمليات بيع اللحوم وحتى الذبح، فالتجاوزات موجودة والخلل مليون في المئة، حسب تعبيره، مضيفاً: نتابع عملنا بشكل يومي لكن حتى اللحظة لم نستطع ضبط عمليات الغش التي تحصل في بعض المناطق كحصين البحر وعرب الشاطئ والحميدية، مبيناً أن عمليات الغش لوحظ زيادتها قبيل العيد، ولأن موضوع الأمن الغذائي حساس جداً نتابع الرقابة مع الجهات الأمنية، عازياً ارتفاع أسعار اللحوم إلى ارتفاع سعر الدولار وأجور النقل بين المحافظات كون طرطوس محافظة غير منتجة، إضافة إلى قلة المادة وارتفاع تكاليف مستلزمات عملية البيع، فمن التجار من ركّب طاقة بديلة ولذلك يرفع سعر المبيع.