جنين خزان المقاومة
تقرير إخباري
بعد غزة تخرج “جنين” إلى واجهة الأحداث لتنافس شقيقتها في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية، حيث تطلّب اقتحامها استنفار جيش، وتحشيد آلاف الجنود، وعشرات المركبات المصفّحة، وأسراب الطائرات، وسائر الوحدات المقاتلة في جيش الاحتلال.
ولعل في أسرار كل هذا التحشيد أن الاحتلال لا يبحث عن اقتحام “جنين” ومخيمها، بقدر ما يبحث، ولو لمرة واحدة، عن استعادة هيبته التي مرّغتها أقدام المقاومين أكثر من مرة في شوارع جنين ومخيمها، واستعادة نظرية الردع التي حطّمتها المقاومة الفلسطينية الصامدة في جنين ومحافظات شمال الضفة المحتلة.
ربما يكون هدف الاحتلال من عمليته الأخيرة في جنين هو إضعاف المقاومة الفلسطينية في شمال الضفة، لكن الوقائع تثبت أن ملامح النصر الفلسطيني تظهر رويداً رويداً، لأن من يتابع تفاصيل عدوان الاحتلال على جنين يدرك أن استئصال المقاومة الفلسطينية في الضفة المحتلة هو حلم إسرائيلي، فخلايا المقاومة الفلسطينية في حالة تمدّد جغرافي، وقدرتها على امتصاص ضربات الاحتلال باتت واضحة، وعليه فإن عملية جنين وارتكاب المزيد من المجازر ستكون أثمانه كبيرة، ومن شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه لمواجهة عسكرية مفتوحة مع الاحتلال في عدة جبهات وليس في جبهة جنين وحدها.
لا تزال جنين خزان المقاومة في الضفة الغربية، ونقطة انطلاق للعمل المقاوم، وهذه الرمزية التي اكتسبتها جنين تزعج جيش الاحتلال وقواته الأمنية، فهدّدت وتوعّدت ثم هاجمت. لكن لا يظنّن الاحتلال الصهيوني أن جنين هي وحدها رأس المشروع المقاوم، فالوجود الفلسطيني في المدن والقرى هو السلاح الاستراتيجي في أيدي المقاومين، وكل مدينة فلسطينية هي عبارة عن بركان قابل للانفجار في وجه الاحتلال.
لذلك إن معركة جنين ليست إلا معركة في سياقات المقاومة الفلسطينية التي لا تقبل بالاحتلال، وإن استهداف جنين بكاملها كحاضنة للعمل المقاوم في الضفة سيجعلها أيقونة المقاومة والتحدّي والصمود الفلسطيني، بل ستكون لرجال المقاومة كحالة وظاهرة عملاً مقاوماً ملهماً للعديد من شباب الضفة والداخل الفلسطيني، وتعزيزاً لمفهوم وحدة الساحات، وتحديداً مناطق شمال الضفة التي سيزيد فيها العمل المقاوم، والعمليات المؤلمة في عمق الاحتلال.