أوكرانيا فأر تجارب للغرب
تقرير إخباري:
بطريقة أو بأخرى قال وزير الدفاع الأوكراني أليكسي ريزنيكوف، ما لم يقلْه أو يعلن عنه أيٌّ من مسؤولي حلف شمال الأطلسي أو المسؤولين الغربيين فيما يتعلّق بتزويد أوكرانيا بالأسلحة الغربية في مواجهة روسيا، فبلاده كما قال في مقابلة مع صحيفة “فاينانشيال تايمز” تعدّ ميدان اختبار مثالياً للأسلحة الغربية.
وربّما يتعيّن على المراقبين دائماً أن يتابعوا تصريحات المسؤولين الأوكرانيين حول علاقتهم مع الدول الغربية حتى تتبيّن طبيعة هذه العلاقة التي تتلخّص في أن أوكرانيا مجرّد فأر تجارب استخدمه الغرب في الحرب على روسيا حتى يتمكّن من تقدير قوة روسيا الحقيقية وقدرتها على مواجهة السلاح الغربي الذي تدفّق إلى أوكرانيا بسخاء كبير لتجريبه في مواجهة الجيش الروسي قبل الدخول في أيّ مواجهة مباشرة للحلف مع روسيا.
فالوزير الأوكراني الذي أشار إلى أنه لا يمكن تخيّل ساحة اختبار أفضل من أوكرانيا، لمؤسسات الصناعة العسكرية في العالم، يدرك جيّداً وعلى وجه الحقيقة، أن دور أوكرانيا ينحصر في هذا الجانب، وأن الغرب لا يهمّه من هذا البلد سوى استخدامه أداة لاستهداف روسيا ولا شيء آخر سوى ذلك، وهو بالتالي يفضح من جانب آخر ما يدور في أروقة حلف شمال الأطلسي “ناتو” العسكرية من خطط لمواجهة الأسلحة الروسية، حيث يقوم الحلف بتطوير نوعية الأسلحة المقدّمة إلى أوكرانيا بالتوافق مع تطوّر المشهد العسكري على الأرض، ما يعني أن “ناتو” يقوم بالفعل بتجريب أسلحته في أوكرانيا قبل التفكير في أيّ مواجهة عسكرية مستقبلية مع روسيا.
وفي الحقيقة لا يبدو إلى الآن أن الناتو تمكّن بالفعل من الحصول على ثغرة في القدرات العسكرية الروسية تمكّنه من التفكير مستقبلاً في أيّ مواجهة مع موسكو، بل على العكس تماماً، حيث بدأ يفكّر جدّياً في كيفية الانسحاب التدريجي من هذه المعركة عبر تحميل رئيس النظام الأوكراني فلاديمير زيلينسكي المسؤولية عن الحرب، والأهم عن جميع الأعمال الإرهابية التي تم من خلالها استهداف روسيا وخاصة تفجير السيل الشمالي الذي تصرّ الصحافة الغربية على تسريب الروايات المتعدّدة حول تورّط الجانب الأوكراني فيه، في الوقت الذي تؤكد فيه المعطيات اللوجستية أن الجيش الأوكراني لا يملك القدرة فعلاً على استهداف الأنابيب التي تقع في المنطقة الحيوية للناتو الذي كان يجري عمليّاته هناك بالتزامن مع التفجير.
ولكن الصحيفة ذاتها لاحظت أن تسليم أوكرانيا أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات NASAMS النرويجية، وكذلك أنظمة الدفاع الجوي الألمانية IRIS-T التي تم تطويرها مؤخراً جعل من الممكن لأول مرة إجراء اختبار مشترك “لجميع الأنظمة المختلفة على مستوى الناتو”، الأمر الذي يؤكّد مرة أخرى أن الناتو بالفعل يقوم بتجريب أسلحته في أوكرانيا التي تحوّلت عمليّاً إلى فأر تجارب.
ولم يفت الوزير الأوكراني التذكير بأن الدول الغربية مهتمّة أيضاً بمعرفة مدى فعالية السلاح المقدّم إلى كييف، وأن حلفاء كييف الغربيين “يمكنهم في الواقع معرفة ما إذا كانت أسلحتهم تعمل بشكل جيد، ومدى نجاحها، وما إذا كانت بحاجة إلى التحديث”، وقد أقرّ بأن أنظمة الحرب الإلكترونية الروسية يمكنها إحباط وقمع صواريخ هيمارس والصواريخ الموجّهة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS).
وهذا كله يؤكّد أن ما لم يعلنه مسؤولو الناتو صراحة حول الدور الذي تقوم به كييف، فضحه وزير الدفاع الأوكراني عندما أكّد بما لا يدع مجالاً للشكّ أنه مضطرّ لتقديم تقارير لأسياده الغربيين حول فعالية الأسلحة المقدّمة لنظامه، وبالتالي ليس غريباً أن يكون مسؤولو الاستخبارات الغربيين مقيمين في كييف ويديرون العمليات العسكرية من هناك، سواء في مواجهة الجيش الروسي أم عبر استهداف الأهداف المدنية في الأقاليم المحرّرة وفي الداخل الروسي.
طلال ياسر الزعبي