من يجرؤ على شطب الدولة الفلسطينية؟
ريا خوري
ليس جديداً أن يدعو بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية، إلى شطب الدولة الفلسطينية، وإنهاء أي محاولة لتحقيقها على أرض الواقع، فهو وحكومته اليمينية العنصرية المتطرفة لا يعترفان بوجود الشعب العربي الفلسطيني في الأساس، مستندين إلى أوهام توراتية زائفة، وخطط صهيونية استراتيجية مدروسة مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، فكيف بقيام دولة فلسطينية على أرضه التي بقيت بعد احتلال أكثر من 77% منها بالقوة مستخدمين كل أشكال القتل والحرق والتدمير والعنف والإرهاب؟ .
كان نتنياهو قد أعلن عن مثل هذا الموقف عام 2016 في خطاب ألقاه في مستوطنة “هار حوما”، التي أُقيمت على جبل أبوغنيم في القدس العربية المحتلة، أكد فيه أنه لن تقوم دولة فلسطينية تحت إشرافه أو بوجوده، وتعهد أمام الصهاينة من أبناء جلدته بتعزيز بناء المستوطنات على حساب الأرض والشعب الفلسطيني، لأنها وسيلة لمنع مدينة بيت لحم الفلسطينية الواقعة ضمن أراضي 1948 من الوصول إلى مدينة القدس، كما أن بتسليئيل سموتريتش، وزير المالية الصهيوني الحالي، المسؤول عن إدارة الضفة الغربية، ادّعى في شهر نيسان الماضي أنه لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني، وهذا التصريح جاء تعبيراً صارخاً عن قمة العنصرية المفرطة والتمييز العنصري.
إن تلك التصريحات، وتلك الإدعاءات تعبّر بالإضافة إلى العنصرية المفرطة والتمييز العنصري، هي جزء من الأيديولوجيا الصهيونية التي تتبناها حكومة الكيان الصهيوني الحالية المغرقة في عنصريتها وتطرفها، والرافضة لأي حلّ عادل ودائم للقضية الفلسطينية التي هي قضية عربية وعالمية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي ومن بينها القرار 338، و 242، وأيضاً قراري مجلس الأمن الدولي رقم (1515) للعام 2003 الذي يدعو إلى إقامة دولتين جنباً إلى جنب، في حدود آمنة ومعترف بها، والقرار رقم (1850) للعام 2008 الذي يؤكد أيضاً، قيام دولتين ضمن حدود آمنة ومعترف بها.
ولأن الكيان الصهيوني لا يلتزم بالشرعية الدولية من جرّاء دعم الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الأوروبية لها، فقد بقيت القرارات الدولية حبراً على ورق دون تنفيذ، بل تجاهلتها بشكل فاضح، ومضت قُدُماً في تنفيذ سياساتها التوسعية على حساب الشعب العربي الفلسطيني وأرضه وممتلكاته، وذلك من خلال مصادرة المزيد من الأرض، وطرد السكان الأصليين أصحاب الأرض.
اللافت للنظر أن دعوة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو الجديدة إلى شطب الدولة الفلسطينية، تزامنت مع قرارات جديدة لحكومته اليمينية المتطرفة، بتوسيع الاستيطان وتسهيله، وآخرها قرار بناء خمسة آلاف وستمائة وثلاث وعشرون وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، استكمالاً لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية التي أقرّتها الحكومة سابقاً، وتحويل المستوطنات العشوائية إلى مستوطنات دائمة ومعترف بها في مؤسسات الكيان الصهيوني ووزاراته.
لم يتوان نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة عن كشف نواياه وحكومته الرافضة القانون الدولي وللشرعية الدولية، والتي لا تؤمن بالسلام، وتقوض كل الجهود الدولية مهما كانت للتوصل إلى حل سياسي عادل للقضية الفلسطينية. وهذا الموقف يفرض على المجتمع الدولي الالتزام بقراراته التي صدرت، والتي لم يتم تطبيق أي منها منذ العام 1948 بدءاً من قرار التقسيم رقم 181، وقرار حق العودة رقم 194 حتى آخر قرار تم اتخاذه مؤخراً، وتجاوز مواقفالإدانة والشجب بمواقف جدية تحمي فرص حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس .