إسماعيل المير سليمان.. في ذكرى رحيله
سلمية – نزار جمول
في مثل هذا اليوم، التاسع من تموز 2008، فقدت سلمية إحدى أهم قاماتها الفكرية، الباحث إسماعيل المير سليمان، فقد كان هذا الرجل العجوز يقف كلّ صباح من صباحات سلمية المتعبةِ، على ناصية شارع حماة؛ وبرغم ظهره المحني، كان يقف بشموخ ليجيب الشباب والشابات عن استفساراتهم، وهو يحمل بيديه بعض الكتب ويردّ عليهم باللغة العربية، وأحياناً بالفرنسية ويحضّهم على القراءة بعد تزويدهم بالمعرفة المطلوبة.
وقبل الرحيل بفترة وجيزة، غابت الإطلالة الجميلة بسبب المرض الذي أجبر المير سليمان على الاعتكاف، لتكون هذه الإطلالة ذكرى لن تنسى كما رحيله، وليكون راهب الفكر شامخاً في هذه الناصية برغم الرحيل.
الراحل ولد في سلمية في العام 1924. ومنذ نعومة أظفاره كانت الدراسة حليفه في سلمية وحمص، ليتوّجها في الجامعة الأمريكية في بيروت باختصاص “العلوم السياسية”، وليهتمّ بعد الدراسة بالتراث والأدب، ثم ساهم مع الباحث الدكتور مصطفى غالب في تأسيس مجلة الغدير.
وتعتبر مؤلفاته المطبوعة التي ثبتت باسمه برغم قلتها بحثاً مستمراً لكل المهتمين وهي: سلمية تاريخ ومنجزات، القرامطة والحركة القرمطية في التاريخ، غربة الإسلام، خلفاء الرسول محمد (ص)، السلالات البشرية، في رحاب الإمام الباقر، دراسة في الشعر الفرنسي. أما ترجماته فكانت لمؤلفين: الطفل المتشرد ريمي، الأعمال الكاملة لرامبو، كما تمّ إعداد سلسلة فلسفية لعدة أجزاء وكان لي الشرف بالمساهمة في تنظيمها وكتابتها بخطي على صفحات بيضاء، ووقتها تمّ إرسالها لبيروت بالتنسيق مع الباحث الدكتور مصطفى غالب لتطبع باثنتي عشر جزءاً متسلسلاً عن علم النفس في أواخر سبعينيات القرن الماضي، ولم يعد يعرف عن هذه السلسلة المهمّة إلا أنها كانت موجودة في مكتبته العامرة بشتى أنواع الثقافات.
الراحل تمّ تكريمه في حياته من عدة جهات مجتمعية وثقافية ولكنه لم يأخذ حقه كباحث في شتى أنواع العلوم والفكر والأدب، خاصة وأنه ترك وراءه إرثاً ثقافياً ثرّاً في مكتبته التي امتلأت بشتى أنواع العلوم والثقافة والمخطوطات التي حاول جاهداً أن يترجمها على أرض الواقع لكنها لم ترَ النور لأسباب متعدّدة، أهمها المرض الذي داهمه إضافة لرحيل شريكه في التأليف والبحث الدكتور مصطفى غالب الذي كان المكمل لعلمه وبحثه في الطباعة والنشر.