إيفا العباس: أربط بتشكيل راسخ بين الطبيعة الصامتة والحيّة
ملده شويكاني
“اللون يتحدث مثل الكلمة في قصيدة شعر”، هذا ما قالته الفنانة التشكيلية الأكاديمية إيفا العباس في حوارها مع “البعث”، والتي مرّت بمراحل تطور بمسار لوحتها التي اختزلت فن العمارة في السويداء ومشاهد من حضارتها وطبيعتها الغنية بالعوالم وبحجر البازلت، متناغمة مع تموجات لونية وظلال لأشخاص حاضرين.
وقد شاركت مؤخراً بعمل في المعرض السنوي الذي أقامه اتحاد الفنانين التشكيليين في سورية في صالة الشعب بعنوان “نوافذ لونية” ضمن مسارها الفني.
*ومن هنا بدأ حوارنا، عن العمل الذي يميل نحو التجريد من حيث خلفية الطبقات الفنية وتدرجات البنفسجي والأخضر مع نوافذ الضوء، والوجوه المختبئة داخل هياكل اللوحة فماذا عنه؟.
يحمل العمل تأثيرات عديدة، إذ يبنى كما ذكرت على أرضية فنية استقيتُ منها الكثير من حيث الألوان، وعشقي لها أدخلني في عمليات بحث في مفهوم اللون وتعبيراته ومدلولاته وآفاقه المستقبلية لأجعل اللون يتحدث مثل الكلمة في قصيدة شعر، فجاء عملي هذا يحمل مضموناً جمالياً تشكيلياً راسخاً يربط ما بين الطبيعة الصامتة والطبيعة الحيّة من عمارة وأبنية.
*جمعت بين التأثر بالبيئة الفنية من خلال والدك الفنان جمال العباس، ودراستك الأكاديمية لكلية الفنون الجميلة، فإلى أي مدى تأثرت بالبيئة الفنية؟.
البيئة الفنية كانت الداعم الحقيقي لدراسة الفنّ والتعمق في هذا المجال، بالإضافة إلى دراستي الأكاديمية التي تكاد تكون المحطة الأساس لانطلاقتي الفنية، ومن ثم تلتها أعمال حملت الطابع التعبيري ثم التجريد التعبيري.
*تعقيباً على كلامك انطلقت من التعبيرية إلى التجريد فكيف مررت بهذا التطور؟.
جسّد معرضي السابق “حنين” الذي أقيم في صالة الرواق موضوع العمارة القديمة، ومشاهد من الطبيعة بروح شرقية تعبيرية وصولاً للتجريد التعبيري، وأرى أن هذا التطور لدى الفنان ومروره بمدارس عدة يأتي نتيجة استمرار تجربته والبحث في عوالم اللوحة وتجسيد كل ما هو جميل ممتزجاً بانطباع الفنان وإحساسه ورؤيته ليأتي العمل حاملاً رسائل وغايات توثيقية.
* ألا ترين أن الواقعية والتعبيرية تحقق انتشاراً أوسع للفنان، كون التجريد يتطلب ملكات فكرية وتحليلية لدى المتلقي؟.
هذا المفهوم يبدو شائعاً بمعنى أن العمل المقروء والواضح والكلاسيكي هو الأفضل، لكن من وجهة نظري اللوحة التي تمرّ بمراحل عدة وتبدأ بالواقعية وصولاً إلى ميول واتجاهات أخرى، تتصف بمدلولات عميقة تدخل المتلقي بعملية بحث تأتي لتستوقفه برهة، حتى يستقرئها وبالتالي يصل إلى عمق العمل، وهنا يتضح دور الاطلاع على مراجع فنية وزيارة المعارض بشكل دوري، والتي تجعله يرتقي بفكره وتساعده على فهم العمل وتقييمه بشكل أفضل.
*كونك رئيسة قسم المعارض في مديرية الثقافة في السويداء، فهل يشغل النحت المركز الأول في المشهد التشكيلي؟.
للنحت أهمية بالغة كون المنطقة المحيطة جبلية -السويداء وما حولها- وهي متاحة بتطويعها بأيدي النحاتين، لكن الرسم والتصوير لا يقلّ شأناً لأنه الأساس لبدء أي مشروع فني سواء أكان نحتاً أم لوحة.
*كيف تدعمون مسيرة المواهب الشابة؟.
للمراكز الثقافية ومراكز الفنون التشكيلية في المحافظة دور كبير لدعم كل موهبة شابة وتطويرها فنياً، ومن ثم توظيفها بما يليق بها، إضافة إلى دور الملتقيات التي تقيمها مديرية الثقافة في السويداء لتحقيق هذه الغاية بما يخدم الحركة التشكيلية عامة.
*ماذا عن مشروعاتك القادمة؟.
أنا مشاركة دائمة في المعارض الجماعية التي يقيمها اتحاد الفنانين التشكيليين ونظمتُ ملتقيات لسنوات عدة في المركز الثقافي العربي في السويداء، وأحضّر حالياً لمعرض فردي قادم بعد معرضي السابق “حنين”.