تركيا تخرق الاتفاق مع روسيا
تقرير إخباري
خرقت تركيا الاتفاق مع روسيا عند قيامها بتسليم قادة “آزوف” إلى أوكرانيا، على اعتبار أن أعضاء هذه المنظمة المعروفين بارتكاب جرائم شنيعة ضد السكان في دونباس، كانوا أسرى الحرب، وكان المفروض بموجب الاتفاق أن يبقى هؤلاء في تركيا حتى نهاية العملية العسكرية الروسية الخاصة.
لم تبلغ أنقرة روسيا بهذا الأمر، ووفقاً للاتفاق مع تركيا، كان على مقاتلي “آزوف” البقاء في تركيا حتى نهاية العملية الخاصة، ولكن يبدو أن هذا القرار التركي بتسليم قادة “آزوف” إلى كييف، على الرغم من الاتفاق الذي تم التوصل إليه، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بفشل الهجوم المضاد الأوكراني الذي تواجهه القوات في كييف كل يوم.
تشير المعطيات إلى أن تركيا تتعرّض لضغوط كبيرة استعداداً لقمّة الناتو المقبلة، وفي هذا السياق، اضطرت أنقرة لإظهار تضامنها، لكن رغم ذلك إن عدم احترام الاتفاقيات لا يجعل أي شخص أفضل. وكان الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي أعلن في 8 تموز الجاري عبر قناته على “تليغرام” أن قادة “آزوف” عادوا إلى أوكرانيا من تركيا، وكان زيلنسكي في اليوم السابق قد وصل إلى اسطنبول لإجراء محادثات مع أردوغان. وقد تم احتجاز أعضاء “آزوف” في البداية في روسيا، وأثناء تبادل الأسرى بوساطة تركية، تم نقل القادة الخمسة إلى الأراضي التركية، وكان من المفترض أن يبقوا هناك حتى نهاية الصراع.
وكتيبة “آزوف” هي منظمة نازية إرهابية قامت بارتكاب جرائم عديدة ضد الإنسانية في منطقة دونباس، وقد تم توثيقها خلال العملية الخاصة. وكانت روسيا قد بدأت في وقت سابق القيام بإجراءات جنائية ضد عدد من أعضاء “آزوف” نتيجة التطرّف ونشاط المرتزقة. تأسست آزوف في عام 2014، وشاركت بنشاط في المعارك ضد القوات الموالية لروسيا في دونباس، وكانت مدينة ماريوبول هي المقر الرئيسي لكتيبة آزوف، وهي جزء من الحرس الوطني، وبالتالي فهي تتبع إلى وزارة الداخلية الأوكرانية، ومقاتلوها مدربون بشكل جيد، ولكنها تثير الجدل لأنها تتكون من يمينيين متطرّفين.
نشأت آزوف عام 2014 من كتيبة متطوعين في مدينة بيرديانسك لدعم الجيش الأوكراني في قتاله ضد الموالين لروسيا في شرقي أوكرانيا. بعض المتطوّعين كانوا جزءاً مما يسمّى “القطاع اليميني”، وهو عبارة عن مجموعة أوكرانية يمينية متطرفة لكنها نشطة، وأساس هذه المجموعة ينتمي لشرق أوكرانيا من الناطقين بالروسية المنادين أصلاً بوحدة الشعوب السلافية الشرقية أي الروس والبيلاروس والأوكرانيين. وبعض هؤلاء ينحدرون من مشاغبي الملاعب “ألتراس”، وآخرون كانوا نشطين ضمن المجموعات المتشدّدة، كما أثارت “آزوف” الجدل بسبب رايتها وشعارها الذي له دلالة يمينية متطرفة، إنه رمز وثني، استخدمه النازيون أيضاً.
مؤسّس وقائد كتيبة آزوف كان أندري بليتسكي (42 عاماً) تخرج من كلية التاريخ في جامعة خاركيف الوطنية، وكان نشطاً في الوسط اليميني المتطرف لسنوات طويلة، وحسب تقارير إعلامية يصل عدد أفرادها إلى نحو ألف مقاتل، ولديها دباباتها ومدافعها الخاصة بها، وفي ذلك الوقت قررت الحكومة في كييف دمج المتطرفين في هياكل الدولة.
في عامي 2015 و2016 نشأت حركة كانت بمنزلة ذراع سياسية لـ”آزوف”، حيث استقال بليتسكي من منصبه كقائد للكتيبة، وأسّس مع مقاتلين سابقين في الكتيبة حزب “الفيلق الوطني” الذي لم ينجح في الانتخابات، لكن بليتسكي استطاع دخول البرلمان الأوكراني عن طريق الانتخاب المباشر، وليس عن طريق قائمة الحزب، لكنه خسر مقعده في انتخابات عام 2019، ولم يعُد نائباً في البرلمان الأوكراني.
عام 2019، كانت هناك مبادرة في الكونغرس الأمريكي لتصنيف كتيبة “آزوف” كـ”منظمة إرهابية”، لكن المبادرة لم تنجح في ذلك. لكن الحقيقة هي أن “آزوف” لديها ومنذ أعوام اتصالات مع الوسط اليميني المتطرف خارج البلاد، بما في ذلك ألمانيا، حسبما أفادت به الحكومة في ردّها على سؤال لكتلة حزب اليسار في البرلمان الألماني “بوندستاغ”.
في بداية العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، قاتلت الكتيبة ضد الجيش الروسي وقوات جمهورية دونيتسك الشعبية في ماريوبول. وفي نهاية المطاف، تحصّن عملاء “آزوف” في مصنع آزوفستال، واستسلموا في نهاية المطاف في أيار 2022. ووفقاً لشهادات متعدّدة حول معركة ماريوبول، ارتكبت “آزوف” عدة جرائم ضد سكان المدينة.
يُذكر أن القانون الجنائي للاتحاد الروسي ينصّ على عقوبة بالسجن من 10 إلى 20 عاماً للمشاركين في القتال، و15-20 عاماً لمنظمي المجموعة الإرهابية.
هيفاء علي