ثقافةصحيفة البعث

د. غزوان الزركلي يعزف سوناتا “هامر كلافير” لبيتهوفن

ملده شويكاني 

اختار د. غزوان الزركلي مقطوعة رقصة المينويت ليحيي بألحانها الحيوية جمهوره ومحبيه في الأمسية التي قدّمها في دار الأوبرا، وتميزت بألحان غنائية براقة وهادئة تخللتها ضربات قوية، ولاسيما في بعض القفلات، إضافة إلى زخم موسيقي قوي في مواضع.

وقد نوّع الزركلي بالبرنامج، فقدم مقطوعات من ثلاث مدارس (الانطباعية والرومانسية والكلاسيكية) مبتدئاً بالأحدث إلى الأقدم، وقد تداخلت تقاطعات مشتركة فيما بينها، كونها تمثل امتداداً زمنياً للمراحل الموسيقية المتعاقبة. وكان البرنامج صعباً ومركباً على مدى ساعة ونصف تقريباً، بين الرقصات الرومانسية والشعبية والسوناتا والفانتازيا، إذ أنصت الجمهور بشغف إلى مهارة عزف الزركلي وقدرته على شدّ انتباه المتلقي.

تقاطعات راقصة

بدأ بمقطوعات كلود ديبوسي من الانطباعية بافتتاحية بيرغاماسك مقدمة ورقصة المينويت وضوء القمر ورقصة الباسبييه، ليستشفّ المتلقي أن ثمّة تقاطعات لحنية براقة بين رقصة المينويت والباسبييه التي بدت أكثر سرعة وجمالية.

“مازوركا”

ثم انتقل إلى المدرسة الرومانسية بعزف مقطوعتين من نمط “المازوركا” وهي قالب لحني راقص أكثر حرية ويتميّز بتكرار الجمل اللحنية الأساسية، فاختار مقطوعة مازوركا لشوبان–مصنف 4-33 مقام سي مينور، ثم مصنف رقم 1-59 مقام لا مينور. وبعدها تابع بعزف نوع من الرقصات الشعبية “بولونيز- فانتازيا” مصنف رقم 61 مقام لابيمول مينور، تخللتها ألحان بدرجة صوت مرتفعة وأكثر قوة وحيوية لتأتي القفلة بضربة واحدة.

تركيبة درامية وغنائية

وفي القسم الثاني من الأمسية قدم د. الزركلي سوناتا “هامر كلافير” لبتهوفن مصنف رقم 106- سي بيمول ماجور، وقد شغلت الحيّز الأكبر من الأمسية وهي من السوناتات الصعبة والمعقدة بتركيبتها الدرامية وانتقالاتها اللحنية، عزفها الزركلي للمرة الأولى في سورية، تألفت من حركات عدة بدأت مباشرة بحركة سريعة لألحان عميقة وقوية، ثم سكيرتزو– سريعة بشكل كافٍ، تبعتها حركة بطيئة ممتدة بشغف وعاطفة عالية، وهي أجمل حركة وأكثر تأثيراً بالجمهور فامتدت ألحانها العاطفية الرقيقة مع أبعاد ضربات متداخلة باللحن.

المنعطف بالسوناتا كان بالفاصل البطيء ثم الانتقال إلى السريع والعودة إلى البطيء، وانتهت السوناتا بـ”فوغ” حركة سريعة هادرة عبّرت بقوة عن حالة درامية لتأتي القفلة بضربات حادة متتالية.

تحية إلى روح أيمن الدقر

وفي اختتام الأمسية وجّه د. غزوان الزركلي في حديثه المباشر مع الجمهور تحية حبّ ووفاء لروح صديقه الفنان التشكيلي أيمن الدقر بعزفه الحركة الأولى من سوناتا ضوء القمر لبيتهوفن، والتي تنساب برقة القارب الذي يمضي مع حركة المياه في ضوء القمر نحو الشاطئ، ودُعيت بالحزن النبيل.

المرحلة التحضيرية الموسيقية

وفي حديث خاص لـ”البعث” أشار د. غزوان الزركلي إلى تأليفه كتاباً لمنهاج المرحلة التحضيرية الموسيقية منذ سنتين ولم ينشر، سيقدمه للسيدة الدكتورة لبانة مشوّح وزيرة الثقافة متمنياً نشره وتوزيعه على المعاهد الموسيقية السبعة في سورية (دمشق والسويداء وحمص وحماة وحلب وطرطوس واللاذقية).

البرنامج الجديد أقلّ تعقيداً

ويحضّر لبرنامج الأمسية القادمة التي ستقام في بداية العام الجديد، وسيكون البرنامج أقل تعقيداً من البرنامج الذي قُدم بهذه الأمسية لكن بالجدية ذاتها، معبّراً عن حرصه على تقديم برامج جديدة للجمهور لا تقدم من غيره، إذ سيقدم آخر سوناتا لشوبرت وآخر قطعة لشوبان وهي طويلة زمنياً لكنها سلسة، والسوناتا الأخيرة لبيتهوفن ومدتها الزمنية نصف مدة السوناتا التي قُدمت بهذه الأمسية، موضحاً أن آخر الأعمال التي كتبها المؤلفون العباقرة لابد أن تكون أكثر نضجاً وعمقاً، ورغم ذلك ستكون أخفّ على المتلقي من حيث الصعوبة من البرنامج الذي قُدم بهذه الأمسية. كما سيقدم كونشيرتو رقم 2 للمؤلف رخمانينوف للبيانو والأوركسترا بالعزف الإفرادي مع الأوركسترا، وقد يكون بقيادة المايسترو أندريه معلولي المدير العام لدار الأوبرا.

محاضرات وورشات وأمسيات

وفيما يتعلق بمشروعاته الحالية خلال وجوده في سورية، تحدث عن إقامته ورشة عمل في طرطوس إضافة إلى تقديمه ثلاث أمسيات فيها، كما ألقى ثلاث محاضرات مختلفة عن كتابه لمنهاج المرحلة التحضيرية الموسيقية، ومحاضرة عن تجربته بالتأليف ومؤلفاته ككل.

الحسّ الشرقي

والثالثة عن التعليم والعمل على تدريب الطلاب على مقطوعات ذات الحسّ الشرقي من إسبانيا وأمريكا اللاتينية وكوبا والمكسيك والبرازيل.

وسيقيم ورشة عمل من أربعة أيام في المعهد العالي للموسيقا في دمشق، تتوج بحفل للمشاركين في اليوم الخامس.