سيناريو المرتزقة
تقرير إخباري
أعلنت وزارة الدفاع الروسية مؤخراً أن ما مجموعه 11675 مرتزقاً من 84 دولة مختلفة وصلوا إلى الجبهة الأوكرانية منذ بدء الصراع العسكري، وجاء المرتزقة بشكل أساسي من بولندا (أكثر من 2600 شخص)، والولايات المتحدة وكندا (أكثر من 900 شخص في البلدين)، وجورجيا (أكثر من 800 شخص)، والمملكة المتحدة (أكثر من 700 شخص)، وفرنسا (حوالي 200 شخص).
وحسب بيانات وزارة الدفاع الروسية، خلال المعارك تم القضاء على 4845 مرتزقاً، معظمهم من مواطني الولايات المتحدة أو كندا أو الدول الأوروبية، وأضافت الوزارة: إن 4801 مرتزق فرّوا من أوكرانيا. واستمرّ التجنيد بشكل دؤوب في مواجهة الخسائر الكبيرة خلال الشهر الماضي، حيث جنّدت أوكرانيا مرتزقة من الأرجنتين وأفغانستان والبرازيل، وأضافت الدفاع الروسية: إن تجنيد المرتزقة تم أيضاً في الولايات المتحدة وكندا. وحسب الوزارة فإن كييف تتلقّى مساعدة من خدمات خاصة غربية، كما أشارت الوزارة إلى أن القيادة الأوكرانية تستخدم المرتزقة الأجانب كوقود للمدافع لمهاجمة الروس. وأكّدت الدفاع الروسية أن القوات المسلّحة الروسية ستواصل القضاء على المرتزقة الأجانب خلال العملية الخاصة بغض النظر عن موقعهم على أراضي أوكرانيا.
في حقيقة الأمر، عند الحديث عن أعداد المرتزقة الذين قدموا إلى أوكرانيا، سرعان ما يتبادر إلى الأذهان الأعداد الهائلة من المرتزقة الأجانب والعرب الذين تم تجنيدهم واستقدامهم من 84 دولة منذ بداية الحرب على سورية، وقد قتل عدد كبير منهم على أيدي الجيش العربي السوري. والأمر نفسه ينسحب على العراق إبان الغزو الأمريكي للعراق حيث قامت شركة “بلاك ووتر” بتجنيد المرتزقة، واستقدامهم إلى ساحات المعارك العراقية عندما بدأت قواتها الغازية تتكبّد خسائر فادحة. وهذه الاستراتيجية تعتمدها الإدارات الأمريكية المتعاقبة في حروبها المباشرة وغير المباشرة، أي حروب الوكالة، كحربها على سورية، وحربها ضد روسيا في أوكرانيا، وهي ما تعرف بحروب الجيل الرابع.
ظهر مفهوم “حروب الجيل الرابع” في أواخر الثمانينيات، وأصبح واضحاً بعد الحرب الأمريكية على العراق، وذلك لأن الولايات المتحدة، بعدما تكبّدت خسائر فادحة مادياً وبشرياً نتيجة إطالة أمد هذه الحرب، رأت أنه من الضروري عدم التدخل في مواجهات مباشرة مع أعدائها، بل تكون المواجهات بشكل غير مباشر. وتمثل حروب الجيل الرابع خطراً على منظومة الأمن القومي العربي، حيث شهدت منطقة الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة نموّاً لافتاً للنظر في عدد ونوعية الجماعات المتطرّفة التي باتت تهدّد بنية الدولة الوطنية، وتكمن أهميتها في تزامنها مع الأحداث الإقليمية والجيوسياسية التي تقع في العديد من دول العالم التي تشهد حروباً وصراعاتٍ أدّت بدورها إلى انهيار بعض الدول وتفكّك مؤسساتها.
وتركّز حروب الجيل الرابع في جوهرها على الضغوط السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، والحرب النفسية التي تستثمر خصائص المجتمعات وتعمل على التأثير في تماسكها، وتفجير التناقضات الكائنة بها، بما فيها الخصائص والمشكلات العرقية، بما يحقق في النهاية سقوط الدولة من الداخل.
هيفاء علي