(فيتو) روسي ضد مشروع قرار بمجلس الأمن ينتهك سيادة سورية… صباغ: المشروع لا يعكس تطلعاتنا ولم يطمئنا إلى إمكانية تنفيذه بحسن نية
نيويورك – سانا
استخدمت روسيا اليوم حق النقض (الفيتو) ضدّ مشروع قرار غربي في مجلس الأمن الدولي ينتهك سيادة سورية بحجة إيصال المساعدات عبر الحدود، بينما عرقل الغرب اعتماد مشروع قرار روسي يمثل محاولة صادقة لتمكين المجلس من الاضطلاع بمسؤولياته للارتقاء بالوضع الإنساني في سورية بشكل حقيقي وفعال.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ عقب التصويت على مشروعي القرارين: إن سورية ومنذ اليوم الأول لبدء المشاورات المتعلقة بتمديد مفاعيل القرار رقم (2672) الذي اعتمده المجلس في التاسع من كانون الثاني الماضي بشأن إيصال المساعدات الإنسانية حرصت على تبني نهج بناء يسترشد فقط بتلبية الحاجات الإنسانية للسوريين في جميع المناطق دون تسييس أو تمييز أو إقصاء ولا سيما في أعقاب كارثة الزلزال المدمر في شباط المنصرم التي خلفت تداعيات إنسانية هائلة وفاقمت بشكل كبير الأوضاع الإنسانية الهشة أساساً، وحتمت التعامل مع كل ذلك بشكل أكثر فاعلية وسرعة وتحقيق استجابة تنموية أوسع وإيجاد حلول ذات تأثير مستدام لتوفير الخدمات الأساسية الضرورية للسوريين.
وبين صباغ أن سورية أبدت انفتاحاً وانخراطاً إيجابياً مع (حاملي القلم الإنساني) ومع الدول الصديقة في مجلس الأمن وعبرت عن أوجه قلقها الجوهرية بشأن مشروع القرار الغربي بشكل واضح وشفاف مستندة في ذلك إلى تقييم موضوعي لتطبيق القرار (2672) والذي أظهر أوجه الضعف في التنفيذ وحجم الاحتياجات الإنسانية الحقيقية للسوريين والتي تتطلب إحداث قفزة نوعية للارتقاء بالاستجابة الإنسانية للوضع المعيشي والخدمي للسوريين.
وأشار صباغ إلى أن استجابة مجلس الأمن للوضع الإنساني في سورية تتطلب تفعيل العمل عبر الخطوط، ولا سيما في ظل الفشل الذريع بعدم تسيير أي قافلة مساعدات إنسانية خلال الأشهر الستة الماضية واتخاذ إجراءات ضرورية في هذا الشأن، إضافة إلى تعزيز مشاريع التعافي المبكر لتشمل تقديم حلول تنموية مستدامة وخاصة بعد الزلزال وتضمين تلك المشاريع قطاعات حيوية أخرى مهمة للسوريين كدعم عمليات إزالة الألغام والأجهزة المتفجرة لما لها من أهمية بالغة في الحفاظ على أرواح السوريين علاوة على توفير المتطلبات اللازمة لعودة المهجرين واللاجئين.
وشدد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة على وجوب ضمان عدم تأثير الإجراءات الاقتصادية القسرية الانفرادية غير الشرعية وغير الأخلاقية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على عمليات الإغاثة الإنسانية التي يستفيد منها السوريون، وعدم إعاقتها لتنفيذ مشاريع التعافي المبكر والتي أشار إليها تقرير الأمين العام، مطالباً من تحدثوا اليوم عن الموت والحياة بضرورة رفع إجراءاتهم غير الإنسانية عن الشعب السوري فوراً بدلاً من التباكي عليه.
وأكد صباغ وجوب الاستجابة للقلق حيال انخفاض تمويل خطة الاستجابة الإنسانية ودعوة الدول المانحة إلى تنفيذ تعهداتها وزيادة التمويل الإنساني إذ إن برنامج الغذاء العالمي وحده سيخفض مساعداته الغذائية لأكثر من 2.5 مليون سوري جراء تراجع التمويل.
وأعرب صباغ عن الأسف لأن مشروع القرار الغربي لم يعكس تطلعات سورية ولم يطمئنها إلى إمكانية تنفيذه بحسن نية، حيث كان من الأفضل أن تكون مدة القرار ستة أشهر بما يتيح إجراء عملية تقييم ومتابعة مستمرة لتنفيذ أوجه القرار لكن من المستغرب الإصرار على تمديد ولاية القرار لمدة تزيد عن ذلك بذريعة الحاجة إلى التخطيط وقابلية التنبؤ.. متسائلاً عن كيفية إمكانية ضمان قابلية التخطيط والتنبؤ في ظل النقص الهائل في التمويل الذي لم تصل نسبته لهذا العام حتى الآن إلى 12 بالمئة.
واستنكر مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إصرار بعض ممثلي الدول الغربية في المجلس على تشويه الحقائق وحرف النقاش عن أوجه القلق المحقة والموضوعية التي عبر عنها وفد سورية ودعمها الوفد الروسي ووفود أخرى، مبيناً أن مواصلة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين تسييس العمل الإنساني وعرقلتها أي جهد صادق للتخفيف من معاناة السوريين، وإمعانها في استخدام هذه الآلية أداة ضغط وابتزاز سياسي ضد سورية هو الذي أوصل المجلس إلى حالة الانقسام التي شهدناها اليوم.
وتوجه صباغ بالشكر لروسيا على مبادرتها لتقديم مشروع القرار الذي يمثل محاولة صادقة لتمكين مجلس الأمن من الاضطلاع بالمسؤولية الملقاة على عاتقه للارتقاء بالوضع الإنساني للسوريين بشكل حقيقي وفعال، والشكر أيضاً للصين التي دعمت مشروع القرار انطلاقاً من حرصها على الارتقاء بالوضع الإنساني في سورية من خلال تعزيز جوانب القرار (2672) وضمان تنفيذ ركائز جوهرية فيه بما ينعكس إيجاباً على الوضع الإنساني في سورية، كما أعرب عن الشكر لدولة الإمارات الشقيقة على الجهود التي بذلتها للتوصل إلى نص يحظى بتوافق في الآراء، مؤكداً في الوقت ذاته أن الوقت حان لكي يتحد مجلس الأمن حول مقاربة موضوعية ومتوازنة حيال الشأن الإنساني في سورية تهدف فقط إلى تلبية الاحتياجات الإنسانية للشعب السوري.
وكان مجلس الأمن اعتمد في التاسع من كانون الثاني الماضي القرار رقم (2672) الذي يقضي بتمديد مفاعيل قراره رقم (2642) لعام 2022 بشأن إيصال المساعدات الإنسانية إلى سورية ستة أشهر، حيث نص القرار الذي صاغت مشروعه البرازيل وسويسرا على تمديد آلية إيصال المساعدات من داخل سورية عبر الخطوط وتنفيذ مشاريع التعافي المبكر إلى جانب إدخال المساعدات عبر معبر حدودي واحد هو باب الهوى.