في اليوم العالمي للسكان.. تشكيل لجنة وطنية لتقدير العدد
دمشق – لينا عدره
اعتمدت الأمم المتحدة يوم 11 تموز من كلّ عام للاحتفال باليوم العالمي للسكان، بهدف زيادة الوعي بالقضايا المتعلقة بالسكان، وإدراكاً منها لمدى تأثر وتأثير المسألة السكانية في كلّ القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبيئية.
في سورية ونظراً لأهمية المسألة السكانية، التي لا يمكن الحديث عنها دون التطرق للموارد الاقتصادية المتاحة التي يجب أن يكون التخطيط لها وفقاً لحاجة السكان للمستلزمات التعليمية والغذائية والمائية وغيرها، أصدرت رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 5/ 7/ 2023 القرار رقم 1098 المتضمن تشكيل اللجنة الوطنية لتقدير عدد السكان في المكتب المركزي للإحصاء، نظراً لأهمية وأبعاد المسألة السكانية، ولحسم ومواجهة كل ما تمّ تداوله من أرقام فلكية غير صحيحة، عن أعداد السكان المتواجدين داخل وخارج أراضي الجمهورية العربية السورية، التي تصدر من جهاتٍ مختلفة لغاياتٍ معينة، وفق ما صرح به الدكتور عدنان عباس حميدان المدير العام للمكتب المركزي للإحصاء لـ”البعث” بمناسبة اليوم العالمي للسكان.
واعتبر حميدان أن رمي الأرقام جزافاً أمر غير منطقي، ويلزمه الكثير من الدقة والحذر، إضافةً إلى ضرورة اعتماد أي بيان إحصائي على مرجع، لافتاً إلى أن المدة الزمنية التي كانت تفصل بين كل تعداد عام وآخر هي عشر سنوات، حيث نُفِذَ آخر تعداد عام للسكان والمساكن سنة 2004 وكانت البلاد على موعد مع تعداد عام للسكان والمساكن سنة 2014 إلا أن الأوضاع والظروف السيئة منعت تنفيذه، وبالتالي تمّ تأجيله لعام 2024 علماً -يوضح حميدان- أنه هو الآخر قد يواجه صعوبات تعيق تنفيذه، بسبب وجود مناطق لا تزال خارج سيطرة الدولة السورية رغم المباحثات الدولية التي تجري هناك، ورغم تأكيدات الحكومة السورية على ضرورة تنفيذه، إلا أنه وفي حال تأخر الحل هناك، فإننا، يبيّن حميدان، اتخذنا إجراءً احترازياً ليتمّ العمل به بطرقٍ علمية معينة تمكننا من استخدام السجلات الإدارية الموجودة لدى كل المؤسسات “من فواتير مياه وكهرباء وهاتف وبطاقة تكامل” أي كل ما يتعلق بالسجلات الموجودة للاستفادة منها بالتعاون مع المؤسسات المعنية.
وفيما يتعلق بالمسألة السكانية التي يعتبرها حميدان (الرقم واحد) على كافة الأصعدة سواء لجهة التخطيط أو تنفيذ الخطط لتحسين مستوى السكان، يؤكد أن المكتب الوطني للإحصاء قطع شوطاً جيداً في الإصلاح وتحديث الأطر والأساليب التي اعتمدت سابقاً، إضافةً لعمله على تنشيط المكتب مع الجهات الأخرى، منوهاً بأهمية عملهم على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسكانية والحسابات القومية.. الخ، وخاصةً تلك المتعلقة بإصدار البيانات، نظراً لحاجة كل الدراسات للبيانات التي يجب ألا تخلو منها، أضف إلى أهميته في العمل الأكاديمي الجامعي.
وأشار إلى ما سبّبته سنوات الحرب من إرباكٍ في عملية التعاطي مع المسألة السكانية، ومردُّ ذلك الإرباك ما مررنا به من تهجيرٍ ودمارٍ من قبل مجاميع إرهابية بعضها من ضمن سكان المجتمع نفسه، سببت ولغاياتٍ أو تبعية معينة وأفكار عدوانية تهجيراً لأهالي الكثير من المناطق التي عانت من الإرهاب، ما أحدث تغييراً جوهرياً في الكثير منها، لينعكس بدوره على الهرم السكاني والبنية والكثافة السكانية، لافتاً إلى انقسام حركة السكان إلى قسمين: حركة طبيعية تشمل “حركة الوفيات والولادات”، وحركة ميكانيكية تشمل “هجرة داخلية وخارجية”.
وأوضح أن البيانات التي تصل من سجلات الأحوال المدنية تتضمن السكان السوريين المتواجدين داخل سورية وخارجها، بينما تمثل نتائج تعداد السكان عدد السكان المتواجدين فقط ضمن أراضي الجمهورية العربية السورية ليلة الإسناد الزمني أثناء تنفيذ التعداد، حيث تقدّر نسب الإناث في سورية بـ51% تقريباً فيما بلغت نسب الذكور 49% فيما بلغ عدد ولادات الذكور وفق ما ذكرته السجلات المدنية في عام 2020 / 170321 مع /332186 ولادة للذكور أيضاً في عام 2021، فيما بلغت ولادات الإناث في عام 2020 / 164228 لتصل في عام 2021 إلى 320132 وهنا نلحظ – والكلام لمدير مكتب الإحصاء – فرقاً كبيراً بين العامين 2020 – 2021 والسبب يرجع لغياب أربع محافظات في عام 2020 (إدلب والرقة ودير الزور وحلب)، ليكون إجمالي الولادات في عام 2020/ 334549. فيما بلغ إجمالي الولادات في عام 2021 مقدار 652318 لتبلغ وفيات الذكور في عام 2020 /42 ألفاً 138 مع 68452 في عام 2021 لتصل وفيات الإناث في عام 2020 إلى 27314 مع 40992 لعام 2021 وغياب المحافظات الأربع نفسه وللأسباب ذاتها، ليبلغ بذلك إجمالي الوفيات للذكور والإناث 69452، في العام 2020، فيما بلغ إجمالي الوفيات 190444، لعام 2021,
وشدّد حميدان على تطلعهم للبدء بعمل جديّ وعقلاني يحقق الأهداف المرجوة، لافتاً إلى أن بناء وتشكيل قاعدة أساسية للانطلاق نحو المستقبل، يحتّم البدء بخطواتٍ ثلاث، الأولى إجراء تعداد للسكان والمساكن، إضافةً لمسحٍ اقتصادي متكامل لمعرفة مكامن القوة والضعف في الاقتصاد السوري ومسح آخر يتعلق بتكاليف المعيشة، الأمر الذي سيسهم بتوفير كمّ هائل من البيانات التي من الضروري أن تتعاطى معها الجهات المعنية بقدرٍ عالٍ من المسؤولية لتخطيط وتنفيذ ورسم السياسات الاقتصادية، وبالتالي ضرورة تنسيق وتفاعل كلّ الوزارات والمؤسسات مع المكتب، ووجود قناعة مطلقة لدى تلك الجهات بأن أي عمل يرغبون بتحقيقه لن يكون بصورته الكاملة من دون بيانات، مشيراً إلى أهمية التطور الهائل في التقنيات المستخدمة، ما سيسهم ويسهل كثيراً إجراء تعداد سكاني عام، منوهاً بعرضٍ تلقاه المكتب من صندوق السكان للأمم المتحدة لاستخدام طريقة استخدمت في أفغانستان والبرازيل، وهي طريقة النمذجة، لافتاً إلى إمكانية استخدامها لاحقاً في حال تمّ إجراء تعداد سكاني، “لتعداد سكاني إلكتروني” في كل المناطق باستثناء بعض المناطق الصغيرة التي من الممكن أن نلجأ فيها -كما بيّن حميدان- إما لحصر شامل بأخذ كل الوحدات أو استخدام طريقة العينة الديموغرافية.
ومن الجدير بالذكر أن الاحتفال باليوم العالمي للسكان تمّ لأول مرة من قبل المجلس الحاكم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 1989 من وحي يوم 11 تموز 1987 الذي وصل عدد سكان العالم فيه إلى خمسة مليارات نسمة تقريباً.