مجلة البعث الأسبوعية

المدرب الأجنبي في كرتنا لغزٌ محيّر.. مدربون عرب وأوروبيون قادوا منتخبنا فمن كان أفضلهم؟

البعث الأسبوعية – عماد درويش

يرى الكثير من المتابعين أن الحل السحري لمعضلة منتخبنا الوطني لكرة القدم بصفة خاصة ورياضة كرة القدم بصفة عامة يكمن في الاستعانة بالمدرب الأجنبي للإشراف على تدريب المنتخبات الوطنية، وتُساق في العادة أسباب كثيرة لتسويغ هذه الدعوة ومنها أن المدرب الأجنبي هو الأجدر والأنسب والأكفأ لقيادة وتحسين كرة القدم خلال المرحلة القادمة.

لكن هذا الكلام يأتي في ظل مدربين أجانب قدموا الشيء الكثير لكرة القدم في بلدان المنطقة والجوار، لكنهم فشلوا فشلاً ذريعاً في قيادة منتخباتنا الوطنية باستثناء قلة قليلة منهم تركوا بصمة لكرة القدم السورية أبرزهم المدرب السوفييتي أناتولي أزارنيكوف الذي نجح في الفوز بالميدالية الذهبية لدورة المتوسط عام 1987 وفضية كأس العرب في الأردن عام 1988.

هذه الأسباب من الناحية النظرية صحيحة، خاصة وأن المدرب الأجنبي هو الأكفأ بسبب الخبرة والمعرفة العلمية والاطلاع والقدرة على التحرك في عالم الاحتراف الذي نفتقر نحن إليه، حيث مازلنا نعيش الهواية كروياً في عالم الاحتراف غير المطبق بحذافيره على أرض الواقع.

“بصيص” أمل

لا يكاد يخفى على أحد حجم المعاناة التي تعيشها الرياضة السورية على كافة الأصعدة من كرة القدم إلى السلة مروراً لبقية الألعاب خاصة الفردية التي لطالما كنا نتغنى بها في كافة المشاركات العربية والقارية، لكن تبعات الأزمة التي أدت للتراجع بجميع الرياضات اعلى المستوى العالمي وحتى القاري، ومعمقاً الفجوة ما بين رياضتنا على المستوى العالمي مع باقي الدول، فأصبح أكبر ذكرياتنا في العقد الأخير خاصة على صعيد كرة القدم “التحسر” على عارضة عمر السومة أمام أستراليا التي كان من الممكن أن تصل بكرتنا إلى المونديال.

لا شك أن كرة القدم تعتبر لاعبة شعبية كبيرة لدى الشارع الرياضي، وكانت بصيص أمل وباباً للسعادة، إلا أن القائمين على كرتنا من الاتحادات المتعاقبة لا هّم لهم سوى “البروظة الإعلامية” والتنافس على المنصب في عضوية الاتحاد، وعقد الصفقات مع السماسرة للتعاقد مع مدرب أجنبي وفق أهواء شخصية.

ليس حلاً

الكثير من كوادر الكرة السورية أبدوا عدم رضاهم عن المدربين الذين تعاقد معهم اتحاد كرة القدم سواء بفئة الرجال أم الشباب والأولمبي، وأخر المدربين “المدرب الجديد” المصري تامر حسن الذي يقود حالياً منتخبنا الأولمبي الذي وصل للدور نصف النهائي للدورة العربية المقامة حالياً في الجزائر بعد تعادلين وفوز يتيم.

وهذا يؤكد النظرية التي تقول إن الاستعانة بالمدرب الأجنبي لتدريب منتخباتنا الوطنية الكروية لا يمثل حلاً لهذه المعضلة ويكفي النظر إلى الواقع المرير الذي تعيشه اللعبة ليس على مستوى المنتخبات فقط ولكن على مستوى الأندية، إضافة إلى افتقارنا إلى البنى التحتية، حيث مازالت توجد أندية لا تمتلك مواصفات الأندية النموذجية من حيث المنشآت والملاعب، كما قضية تطوير اللعبة يرتبط أيضاً بنشأة اللاعب المحلي ومنهجية تأسيسه وصقل موهبته منذ الطفولة، وقدرته على الأداء الصحيح لأبجديات اللعبة، ناهيك عن غياب ثقافة الاحتراف لدى اللاعبين سواء من حيث السلوك والأداء والانضباط، وهناك أسباب أخرى تتعلق بضعف المستوى البدني والمهاري الواضح للاعب السوري، وقدرته على تلبية أفكار المدربين باحترافية عالية وبشكل فطري أسوة ببقية اللاعبين العالميين الذين تم صقل موهبتهم بالشكل الأمثل منذ الطفولة، وعدم استيعاب اللاعبين لثقافة اللعب أو ما يسمى بالذكاء الميداني، والذي يتضح ذلك من خلال تكرار الأخطاء المهارية البدائية خلال مباريات المنتخبات الوطنية أو فرق الأندية يعد خللاً كبيراً في ذكاء اللاعب في أدائه المهاري، تلك النواحي يفتقدها اللاعب الوطني وعلينا أن نعترف بأن المدرب الأجنبي ليس حلاً لتلك المشاكل المتراكمة، وليس بمقدوره العمل على ذلك، وأن لاعبي المنتخب يجب أن يحملوا هذه الصفات ويصقلوها في أنديتهم لا أن يكتسبوها خلال تواجدهم في المنتخب.

عرب وأجانب

رقمياً تعاقب على تدريب منتخبنا الأول لكرة القدم خلال أكثر من 70 عاماً مدربون محليون وأجانب، وتسلّم قيادة المنتخب 27 مدرباً غير سوري.

 

ومن أبرز المدربين الأجانب الذين أشرفوا على منتخبنا الوطني السوفيتي “أناتولي أزارنيكوف” الذي خاض مع منتخبنا خلال 5 سنوات 49 مباراة، ومن أهم إنجازاته فوزه على منتخب فرنسا في نهائي دورة ألعاب المتوسط 1987 التي استضافتها “سورية” بنتيجة 2-1 ليتوج منتخبا بالميدالية الذهبية لكرة القدم في البطولة، وكان ذلك أول إنجاز إقليمي يحققه المنتخب السوري في بطولة تضم منتخبات من ثلاث قارات كما حقق مركز الوصيف في كأس العرب في  الأردن عام 1988 عندما التقى بالمنتخب العراقي في نهائي البطولة وفاز الأخير بركلات الترجيح 3-4 بعد أن انتهى الوقت الأصلي بالتعادل 1-1، وخاض المدرب السوفييتي مع المنتخب تصفيات كأس آسيا في “نيبال” 1988، والتصفيات المؤهلة لمونديال 1990 ونهائيات آسيا 1988، وتصفيات كأس آسيا 1992 والدورة العربية 1992.

أما المدرب الصربي بوجيدار فوكوتيتش فقاد دفة المنتخب في 27 مباراة بين عامي 2000 و2001 وكان إنجازه الأبرز مع المنتخب وصافة غرب “آسيا”، بعدما فاز

في ثلاث مباريات ليصل إلى المباراة النهائية التي جمعته بـ”إيران”، وخسر منتخبنا بهدف نظيف، كما شارك “فوكوتيتش” مع المنتخب بتصفيات “آسيا 2000″ وعام 2001 بتصفيات مونديال 2002.

الصربي الآخر ميلوسلاف رادينوفيتش قاد منتخبنا بين عامي 2002 و2006 هو ” شارك المنتخب تحت قيادته في كأس العرب في “الكويت” عام 2002 حيث تغلب على “البحرين” و”لبنان” و”اليمن” ولكنه خسر أمام “السعودية” وخرج من البطولة مبكراً، وشارك “رادينوفيتش” مع  منتخبنا  في دورة ألعاب غرب آسيا في  قطر  عام 2005 وفي تصفيات كأس آسيا 2006 دون تحقيق إنجازات مهمة.

بينما المصري أحمد رفعت قاد منتخبنا عام 2004، وخاض معه 22 مباراة، وحقق مع المنتخب وصافة غرب “آسيا” عام 2004 حيث حقق المنتخب فوزاً على “لبنان” في البطولة وخسارة أمام “إيران” قبل اللقاء مع “الأردن” في نصف النهائي بمباراة انتهى وقتها الأصلي بالتعادل بهدف لكل فريق قبل أن يفوز منتخبنا بضربات الجزاء ليلاقي “إيران” في النهائي وخسرنا بأربعة أهداف لهدف، كما قاد “رفعت” عام 2004 منتخبنا في المراحل الأولى من التصفيات المؤهلة لمونديال 2006 الذي أقيم في ألمانيا.

من جهته حظي الروماني فاليرو تيتا بشعبية واسعة بعد تدريبه لنادي “الاتحاد” الحلبي، فوصل إلى قيادة المنتخب عام 2011، لكنه لم يدرّب المنتخب أكثر من 6 مباريات حينها، وشارك معه في نهائيات كأس آسيا 2011 وتغلب على “السعودية” بنتيجة 2-1 وخسر أمام “الأردن” بنتيجة هدفين لهدف سجله ” وخسر أمام “اليابان” بنتيجة 2-1.

كلمة أخيرة

قد يعتقد البعض أن المدرب الأجنبي قادم ومعه عصا سحرية ومجرد التلويح منه سيصبح المنتخب من أهم المنتخبات العربية وأقواها، وستحل جميع مشاكل كرتنا!

وهو الأمر المضحك بالفعل، لأن لنا تجارب سابقة معظمها باء بالفشل، وكرتنا بحاجة لتضافر كافة الجهود، للوصول إلى نهائيات كأس العالم الذي بات الوصول إليه حلماً يراود محبي وعشاق اللعبة.