حين يعيد السوريون تدوير اقتصادياتهم بصرخات طرزينات “اللي عندو كلشي عتيق للبيع”!
دمشق – علي بلال قاسم
رغم تكفل منصات التواصل الاجتماعي الإلكترونية بإدارة عمليات بيع وشراء المستعمل عبر صفحات متخصصة وإعلانات مبوبة وعروض تجارية تلبي الاحتياجات المتوقعة للتواصل المباشر بين المستخدم وسوق السلع والخدمات، يصر الشكل التقليدي والمتمثل بتجوال الشاحنات الصغيرة والمترافقة مع بوق الصراخ في الأحياء والشوارع على الحضور، حيث لم تنحسر الصورة النمطية أمام انتعاش ومرونة الأسواق الإلكترونية، لابل زادت ونشطت، في ظل استثمار حالة اللحاق بالزبون لدرجة طرق باب بيته للسؤال عن أي شيء مستعمل للبيع.
بعبارات مكررة عبر مكبرات الصوت تبدأ رحلة البحث والتجوال منذ الصباح لنهاية اليوم، فأيما اتجهت ستسمع “زعيق” من قبيل “إللي عندو ألمنيوم – نحاس – بلاستيك – خبز يابس – موتور براد وغسالة – صوبيات – قاظانات..”.. “أي شيئ عتيق مناخوووود”، هنا ثمة ميزة يمكن استغلالها من خلال التعامل مع منتجات بسيطة لا تستأهل تحميل عرضها على تطبيقات وصفحات التواصل الاجتماعي، أي يمكن بيعها مباشرة على باب المنزل دون وسيط أو منصة تنتظر مفرزات البيت البسيطة حتى ولو كانت بقايا الخبز والثياب والمقتنيات التالفة أو في منتصف العمر وفي حالات عديدة نكون أمام أناس يمكن أن يبيعوا أثاثاً منزلياً، أفضل لهم من تسديد أثمان وأجور عالية جداً تكلفة نقلها إلى بيت مستأجر آخر أو لحاجة لسيولة ما بداعي السفر أو تغيير مكان الإقامة.
عند سؤال صاحب شاحنة صغيرة عن مصير ما يجمعه من منتجات ومواد وخرده، لم يكن الجواب واضحاً، لدرجة التعتيم، على الشركات أو التجار التي تشتري منه البضاعة، ليكون الرد الوحيد المفهوم بأن هناك من يشتري كمن يبيع – لكل حاجته -، طبعاً بعد الفرز وأغلب الوجهات هي الورش أو المنشآت الصناعية أو الزراعية أو التجارية، مؤكداً أن سوق العتيق موجود في السوق منذ زمن طويل، ولم يتوقف يوماً حتى في عز بحبوحة البلد، فكيف الحال والوضع أكثر سوءاً من الناحية الاقتصادية والمعيشية.
يقول سائق آخر أن هذه المهنة باتت ملاذ الكثيرين وأصبح هناك منافسين كثرا، إذ تكثر السيارات الجوالة في الحي الواحد، نظراً لأنها تدر ربحاً وتعد فرصة عمل للكثيرين هذه الأيام، أما تاجر آخر، فأكد أن هناك شريحة النباشين في حاويات القمامة تشكل عامل تهديد لهم، إذا لطالما كانت الحاويات وموجوداتها فرصة لنا، لكن الباحثين عن النفايات القابلة للتدوير والبيع أصبحوا كثر، ويضافون لعمال النظافة أنفسهم الذين يأخذون حصتهم، ومع ذلك هناك “رزقة ” لكل واحد حسب مسعاه، لاسيما أن هناك مواطنين لا يتوانون عن رمي الكثير من مقتنياتهم القديمة، دون بيع أو مقابل، وهذه النافذة نعتبرها فرصة للمجتهدين، ومن يعملون بنشاط و”يربون” الزبائن.
وفي إشارة على وجود التجارة الالكترونية ومنصات بيع العتيق رأى أحد المتاجرين بالمستعمل أن من يعمل على أرض الواقع يكسب أكثر، والانترنت وجد للمستعمل “الموزون” وليس لكيس خبز صغير أو كيلو نايلون أو بلاستيك أو بطارية تالفة.
في دردشة مع خبير اقتصادي أكد أن الظروف الحاكمة الآن دفعت بالشركات والأفراد للاهتمام بالمستعمل في ظل غلاء ومعدومية الجديد، حتى أن انتعاشاً شهده قطاع إعادة التدوير عبر تجارة الخردة كقطاع حيوي ونشط هذه الأيام، حيث تحورت الحياة العامة داخل البيوت عبر أشكال التدبير المنزلي في المسائل الغذائية والكسائية والأثاث، ومقتنيات تدبير الرأس وتمشاية الحال، ليضيف الخبير أن المؤسسات والجهات أصبحت تسير وتطبق هذا النهج في هذه الظروف.