السفير صباغ: الارتقاء بالوضع الإنساني يتطلّب حلولاً مستدامة لدعم الشعب السوري
نيويورك – سانا
أكّد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ أن الارتقاء بالوضع الإنساني في سورية يتطلّب توفير حلول مستدامة لدعم شعبها، بما يقلل الاعتماد على المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، وتوفير ظروف عودة اللاجئين والمهجّرين، والرفع الفوري وغير المشروط للإجراءات الاقتصادية القسرية الغربية غير الشرعية عنها.
وأوضح صباغ خلال جلسة لمجلس الأمن حول الشأنين السياسي والإنساني في سورية، أن سورية وانطلاقاً من حرصها على ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها في شمال غرب البلاد، وفي ضوء التعنّت الذي أظهرته بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن ورفضها الاستجابة لأوجه قلق سورية المحقّة التي تم التعبير عنها مراراً وتكراراً حيال آلية الوصول عبر الحدود، التي منعت تمديد مفاعيل القرار 2672، اتخذت قراراً سيادياً بمنح الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصّصة إذناً باستخدام معبر باب الهوى لإيصال المساعدات الإنسانية إلى تلك المنطقة، لمدة ستة أشهر، بدءاً من الـ13 من تموز الجاري.
وبيّن صباغ أن سورية تؤكّد مجدّداً أنها لا تضع شروطاً، وأنها منفتحة على التعاون الكامل ثنائياً مع الأمم المتحدة، وتحديداً مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، بشأن محدّدات العمل بموجب الإذن الذي منحته، وأوجه التعاون والتنسيق بينهما، وذلك بما يتماشى مع المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن المساعدات الإنسانية التي أكّدها قرار الجمعية العامة 46/182، والشراكة الواجب تعزيزها لإنجاح الاستجابة الإنسانية، التي يأتي في مقدّمتها احترام سيادة الدولة المعنية من خلال منحها الموافقة المطلوبة.
ولفت صباغ إلى أن تكامل العمل عبر المعابر الحدودية الثلاثة التي منحت سورية الإذن باستخدامها بقرار سيادي، والمعابر التي توفرها للوصول من الداخل عبر الخطوط (سرمدا وسراقب)، كفيل بتحقيق وصول إنساني كافٍ يلبّي الاحتياجات الإنسانية بالشكل المطلوب، لكنه يستلزم ممارسة أقصى درجات الضغط على التنظيمات الإرهابية في شمال غرب سورية ومشغّليها للسماح بالوصول الإنساني، إلى جانب توفير التمويل اللازم لهذه العمليات الإنسانية.
وأشار صباغ إلى أن “ما يبعث على القلق الشديد هو استمرار معاناة أهلنا في مدينة الحسكة وكل التجمّعات السكانية الممتدّة على طول خط المياه الواصل من محطة علوك، إثر قطع مياه الشرب الذي تقوم به قوات الاحتلال والتنظيمات الإرهابية والميليشيات الانفصالية ورعاتهما، والذي يحرم ما يزيد على مليون سوري في تلك المنطقة من المياه النظيفة، والذي يمثّل جريمة حرب، وجريمة ضدّ الإنسانية، وتهديداً خطيراً للصحة العامة، ولا سيّما في ظل الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة، ولهذا تطالب سورية الأمم المتحدة ومنظماتها بالتحرّك الفوري لضمان استئناف ضخّ المياه من المحطة المذكورة بالسرعة الكلية، وتمكين الفرق الفنية من الوصول إليها، للإشراف على عملها وتشغيلها بشكل مستدام”، مستنكراً تجاهل بعض الوفود لهذه الوقائع، وتعمّدها تسييس هذا النقاش، والإساءة إلى جهود سورية، بدلاً من التحرّك العاجل للتعامل مع هذه المسائل الإنسانية الملحّة.
وجدّد صباغ مطالبة سورية للأمم المتحدة بإنهاء الوجود غير الشرعي للقوات الأجنبية على أراضيها، وفي مقدّمتها القوات الأمريكية، ووقف التدخّل بشؤونها الداخلية ودعم التنظيمات الإرهابية، والكفّ عن نهب ثرواتها ومقدّراتها الوطنية، وخاصةً النفط، والرفع الكامل والفوري وغير المشروط للإجراءات القسرية الانفرادية التي تفرضها ضدّ الشعب السوري، والتي تشكّل جميعها انتهاكاً واضحاً وصريحاً لميثاق الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالشأن السوري.
وأوضح صباغ أنه “في تصعيد خطير ومستمر للأوضاع في المنطقة، يواصل الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته على الأراضي السورية، ويمعن أيضاً في ممارساته الإجرامية ضدّ أهلنا في الجولان السوري المحتل، حيث شنّ يوم الأربعاء الماضي عدواناً جوياً جديداً برشقات من الصواريخ من جهة شمال الجولان المحتل، مستهدفاً بعض النقاط في محيط دمشق، كما قام أيضاً بانتهاك جديد لقرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981 من خلال التخطيط لتجريف ما تبقّى من منازل في قرية عين فيت، وتحويلها إلى موقع عسكري لقواته، علماً أنه دمّر تلك القرية في عام 1967، وهجّر أهلها منها”.
وأعرب صباغ عن إدانة سورية بأشدّ العبارات لهذه الاعتداءات الإسرائيلية الهمجية، مطالباً في الوقت ذاته مجلس الأمن بإدانتها، وتحمّل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الإقليمي والدولي، والتحرّك بشكل فوري لوضع حدّ لجرائم الاحتلال الإسرائيلي لما تمثله تلك الاعتداءات من انتهاكٍ سافر للقانون الدولي، وللقانون الإنساني الدولي، ولأحكام ميثاق الأمم المتحدة، والشروع بمساءلته عن أفعاله، وضمان عدم تكرارها، موضحاً أن مجلس الأمن يعاني حالة من الشلل للردّ على هذه الانتهاكات بسبب الحماية التي توفّرها الولايات المتحدة للاحتلال ومواصلة دعمها له ما يجعلها شريكة في تحمّل المسؤولية عن هذه الانتهاكات الخطيرة.
وبيّن مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أنه في الوقت الذي تؤكّد فيه جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالشأن السوري احترام سيادة سورية واستقلالها، ووحدة وسلامة أراضيها، فإن بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن لا تزال ترتكب انتهاكاتٍ فاضحة لتلك القرارات، حيث تم إبلاغ المجلس بقيام وفد من وزارة الخارجية الفرنسية بالتسلّل بشكل غير شرعي إلى الأراضي السورية مؤخراً، وإجرائه لقاءاتٍ مع ممثلي ما تسمّى (الإدارة الذاتية) وميليشيا (قسد) العميلة الانفصالية، مؤكّداً إدانة سورية هذا الانتهاك السافر لسيادتها والتصرّف غير المسؤول الذي يشكّل دليلاً جديداً على المشاركة المباشرة لفرنسا العضو الدائم في مجلس الأمن في الدور التخريبي ضدّ سورية، ودعمها للمجموعات الإرهابية والميليشيات الانفصالية.