الثقة المفقودة
معن الغادري
على غير العادة بدا جدول أعمال مجلس محافظة حلب خلال أعمال دورته الرابعة العادية لهذا العام والمستمرة لغاية يوم غدٍ الأربعاء، غنياً وربما استثنائياً هذه المرة بالنظر إلى حجم ما تعانيه مختلف قطاعات العمل والانتاج، وخاصة الخدمية من واقع صعب وترهل وتراجع واضح في الأداء والمردود، وهو ما تعكسه الوقائع غير المرضية في كافة ميادين العمل. و بطبيعة الحال وحسب الرأي السائد لا ينتظر من مجلس المحافظة ونظيره مجلس المدينة والمقرر أن يعقد دورته العادية في وقت لاحق أي حلول للمشكلات والأزمات المتراكمة والمتزايدة.
والحجة التي يملكها المتشائمون هي أن معظم ما يصدر عن المجلسين من توصيات ومقترحات وهي – بطبيعة الحال غير ملزمة – تبقى حبراً على الورق ومركونة على الرفوف وفي أدراج المكاتب، وهو ما يفسر تكرار المداخلات ومطالبات أعضاء المجلسين في كل دورة، أما الأكثر سوءاً وضرراً في هذه المعادلة فيتجلى وبصورة أكثر وضوحاً من أي وقت بالإصرار على تبني سياسة تدوير المشكلات، هرباً من المسؤولية ولإطالة أمد الأزمات لغايات لم تعد خافية. مما تقدم يؤكد وبالمطلق عدم فاعلية المجلسين وتقصيرهما في متابعة المهام المنوطة بهما كجهتين رقابيتين وإشرافيتين على أداء عمل المؤسسات والمديريات بمختلف اختصاصاتها، يضاف إلى ذلك أن المجلسين لم ينجحا في كسب ثقة المواطن لبعد المسافة بينهما وبين متطلبات واحتياجات المواطنين اليومية.
والواضح أن المجلسين يعانيان من أزمة حقيقية في التعاطي مع المستجدات الحياتية اليومية، وهنا المعضلة الحقيقية، والمفترض أن تجد لها المؤسسة التشريعية حلاً لها من خلال اعادة النظر في قانون الإدارة المحلية وفي هيكلية وطبيعة عمل المجالس المحلية والوحدات الإدارية، فمن غير المقبول أن تقتصر مهام أعضاء المجلسين والبالغ عددهم 150 عضواً كتحصيل حاصل على حضورهم اجتماع المجلسين كل ثلاثة أشهر، ما يتطلب مساحة أوسع من العمل والصلاحيات، بأن تكون قرارات وتوصيات المجلسين ملزمة.
والأهم أن تكون هناك تشريعات خاصة تحد من استنزاف طاقات وامكانات الوحدات الإدارية وقطع كل السبل أمام شبكة الفاسدين والتي تتسع يوماً بعد يوم، حينها بإمكان المجلسين أن يستعيدا ثقة المواطن المفقودة، وتحريك الثابت ودفع العمل التنموي والمساهمة في حلّ الأزمات والتخفيف من حدتها وآثارها السلبية.