الولايات المتحدة مجرد شرطة فكرية
عناية ناصر
دخل الحزبان السياسيان الرئيسيان في الولايات المتحدة في سجال حول ما إذا كانت “إسرائيل” عنصرية أم لا من خلال تمرير قرار غير ملزم يتعهد بالولاء والدعم لها. استخدم الديمقراطيون والجمهوريون القوة الرمزية للكونغرس في خطوة تهدف إلى مواجهة شبه الإجماع بين مجموعات حقوق الإنسان الرئيسية حول ممارسة “إسرائيل” للفصل العنصري. وفي هذا السياق قال أحد النقاد إن الولايات المتحدة تتصرف مثل “شرطة الفكر” فيما يتعلق بهذه القضية، حيث تقوم وفقاً لرواية 1984 للكاتب البريطاني جورج أورويل بتزوير الحقائق وتبتدع الأكاذيب، وتغير وتبدل مالا تريده أن يصل.
جاء تصويت يوم الثلاثاء الماضي في الكونغرس مع احتدام الجدل الدولي حول كيفية تحديد الوضع في الأراضي من غرب نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، حيث كانت الأرض لآلاف السنين جزءاً من فلسطين التاريخية. وفي هذا الشأن خلصت مجموعات حقوق الإنسان، إلى أن الوصف الأكثر دقة نظراً لاحتلال “إسرائيل” الكامل لكل شبر من تلك المنطقة، هو فصل عنصري. ورغم ذلك، أقر المشرعون الأمريكيون قراراً بأغلبية ساحقة يعلن أن “إسرائيل” ليست دولة عنصرية أو دولة فصل عنصري.
يبدو أن الرسالة موجهة ليس فقط للمنتقدين التقدميين في واشنطن، ولكن أيضاً لحماية “إسرائيل” من الانتقادات، وتزويد مؤيدي كيان الاحتلال بالدعم الذي يمكن من خلاله الرد على الدعم المتزايد للقضية الفلسطينية في أمريكا وأماكن أخرى.
تم تسريع القرار بالتزامن مع زيارة إسحاق هرتسوغ، حيث كان رئيس الكيان الإسرائيلي في واشنطن لإلقاء كلمة في الكونغرس، لكن زيارته لم تمر دون جدل، حيث انتقد أعضاء من المعسكر التقدمي من المشرعين قرار تكريم هرتسوغ بهذه الطريقة، بالنظر إلى أنه فعلياً رئيس كيان تجاوز بوضوح عتبة الفصل العنصري، ورفض عشرة من الديمقراطيين دعم القرار الذي تم تمريره بأغلبية 412 صوتاً مقابل 9 أصوات، وظل أحدهم دون أن يدلي بصوته.
النائبة رشيدة طليب، الديمقراطية من ولاية ميتشغان، وأول امرأة فلسطينية أمريكية تنتخب للكونغرس، جادلت ضد القرار في خطاب عاطفي، حيث أصرت طليب على أن “إسرائيل” دولة فصل عنصري، “وهذا ليس مختلق، واستشهدت بقرارات مسؤولي الأمم المتحدة وهيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، حيث خلصت جميعها إلى أن معاملة “إسرائيل” للفلسطينيين ترقى إلى مستوى الفصل العنصري، وهو ما يشبه جريمة ضد الإنسانية، وهناك العشرات من المجموعات والخبراء الآخرين توصلوا إلى نفس النتيجة.
وتابعت طليب: “إن الحكومة الإسرائيلية إشكالية للغاية في الطريقة التي تمضي بها في هيكلية القمع. يجب على الكونغرس التوقف عن تمويل الفصل العنصري”. كان التصويت في الكونغرس رمزياً، لكنه أظهر النهج المتزايد الذي يسلكه مؤيدو “إسرائيل” لحماية كيان الاحتلال، وخلص القرار إلى أن الولايات المتحدة ستكون دائماً شريكاً قوياً وداعمة لـ “إسرائيل”.
أثيرت أسئلة حول سبب قيام الكونغرس بتضييع الوقت في قضية لها تأثير ضئيل للغاية على المواطنين الأمريكيين، كما تم التشكيك أيضاً بالإنكار الصادم من قبل المشرعين لما هو حقيقة واضحة في فلسطين المحتلة.