ثقافةصحيفة البعث

ارتباط الوردة الشامية بالأنثى ودمشق في معرضها بصالة الشعب

ملده شويكاني

” جئتكم من تاريخ الوردة الدمشقية التي تختصر تاريخ العطر” . الوردة الشامية، التي كما قال عنها نزار قباني ” تختصر تاريخ العطر” واختارتها اليونسكو في عام 2019 لتصبح على قائمة التراث العالمي اللا مادي، وتتصدر العالم بزيوتها العطرية، نثرت أريجها من لوحات الفنانين في معرض الوردة الشامية الذي أقامته جمعية بيت الخطّ العربي والفنون بالتعاون مع اتحاد الفنانين التشكيليين في صالة الشعب بمشاركة فنانين من مختلف المحافظات مع أعضاء الجمعية وطلابها.

ويأتي المعرض ضمن فعاليات مهرجان الوردة الشامية، الذي انطلق برعاية السيدة الأولى أسماء الأسد ومشاركتها بموسم قطاف الوردة الشامية.

وقد حظي المعرض بتنوع الأساليب والمدارس الفنية بين الواقعية والانطباعية والتعبيرية، إذ جسد كل فنان رؤيته التشكيلية للوردة الشامية من خلال المباشرة أو التلميح والترميز، فربط القسم الأكبر منهم بينها وبين الأنثى وروح المدينة الخالدة دمشق، وبينما شارك قسم آخر بتشكيلات حروفية ترتبط بإيقاعات الوردة الشامية، وهناك آخرون قدموا لوحاتهم من خلال مسارهم الفني، إضافة إلى تنويعات بالطبيعة والتراث مع حالات تعبيرية عاطفية، ولم يخلُ المعرض من آراء نقدية بناءةً  بغية تطوير العمل الفني.

كما وزعت الفنانة ريم قبطان، رئيس جمعية بيت الخطّ العربي والفنون، شهادات تقدير للمشاركين، وقدم الفنان خلدون الأحمد القادم من حلب صحن السيراميك الذي رسم عليه بتشكيل إيقاعي حروف الوردة الشامية ووريقاتها المنسابة برقة وشفافية على محيطه هدية تذكارية لكل من جمعية بيت الخط العربي والفنون واتحاد الفنانين التشكيليين.

الوردة والأنثى

“البعث” توقفت مع رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين في سورية عرفان أبو الشامات، فتحدث عن الفنانين الذين قدّموا نماذج عدة لرسومات طغت عليها الأنثى بالعلاقة التواشجية التي تربطها بالوردة، وعن الوردة الشامية التي تمثلت بأساليب وأشكال عدة، وأثنى على المعرض عامةً آملاً تطويره.

ملء اللون فقط

أما أمين سر اتحاد الفنانين التشكيليين العام الفنان غسان غانم الذي وجه ملاحظات  نقدية تتعلق بتفاصيل اللوحة من حيث اللون وتوظيف الشكل ضمن تكويناتها، فنوّه إلى أن المعرض متكامل من حيث الناحية الفنية وليس من ناحية الأعمال المتكاملة، فكل فنان قدّم عملاً برؤيته التي تنم عن حالة تعبيرية أو عن أحد ألوان الفنّ التشكيلي، وهناك من رسم لملء اللون فقط، فكانت أعمال بعض الفنانين جيدة أما الآخرون فلهم طريقهم.

التكوين الإسلامي

وتحدث نائب رئيس جمعية بيت الخط العربي والفنون الفنان بشير بشير عن مشاركته بعملين بأسلوب التجريد الحروفي بالتوازن بين الكتلة والفراغ واللون بنمط خاص متميز بالتشكيل السوري من حيث توزيع اللون وتوظيف الحرف بطريقة مختلفة ضمن المساحة والكتلة، معبراً عن الوردة الشامية بحالة تعبيرية بشكل رمزي من خلال التكوين الإسلامي بالربط الموظف بطريقة صحيحة.

الإضاءة على التراث

وأشارت الفنانة رباب أحمد التي واكبت انطلاق جمعية بيت الخط العربي والفنون وتطورها أثناء سنوات إدارتها المركز الثقافي العربي في أبو رمانة إلى حالة النضج الفني عند كثير من طلاب الجمعية، وأثنت على الأعمال التي تمايزت بمدارس مختلفة، ونوّهت إلى دعم الأساتذة الفنانين المخضرمين الشباب بمشاركتهم معهم في هذا المعرض، كما تحدثت عن دور الجمعية بالإضاءة على عناصر التراث اللامادي في المجتمع السوري.

صياغة إيقاعات الحرف

الفنان خلدون الأحمد القادم من حلب شارك بعمل يتعلق بتشكيلات حروفية بصياغة إيقاعات عنوان المعرض الوردة الشامية بأسلوب إيحائي ينم عن أبجديتنا ولغتنا وتراثنا وأسمائنا ضمن التشكيل الحروفي، وبنسيج الجمال الذي يربط الوردة الشامية مع الطبيعة، فتسربت ألوانها إلى الخلفية الزرقاء، وعقب الأحمد بأن المعرض أظهر إيقاعات جميلة مختلفة، إلا أنه كان الأجمل الاشتغال على فكرة الوردة الشامية بحد ذاتها.

الفسيفساء والحارة الدمشقية

وبجمالية تقنية الفسيفساء بالرسم جسد علاء الغبرة حارة دمشقية تتوسطها وردة جورية دمشقية وعلى جانبيها زخرفة القيشاني ونقش عليها بخط الثلث “عشق دمشق” بإطار من خشب الجوز مرصعة بالصدف، بألوان الإكليريك على الكانسون بأسلوب تعبيري واقعي على خلفية تجريدية.

الوردة والتراث

ورسمت عبير العودات بأسلوب جميل وجه أنثى يفوح منها عبير الوردة الشامية التي غفت على وجهها رابطة بينها وبين التراث بإظهار الباب الدمشق والنافذة كرموز متكاملة لتكوين اللوحة مع الخلفية الزرقاء الموحية بلون السلام للمدينة الخالدة دمشق.

في حين عبّرت  آلاء الطالب من خلال بورتريه عن جمال المرأة السورية بقلم الفحم والرصاص بأسلوب واقعي تتخلله مسحات من الانطباعية وزيّنت الوردة الشامية وشاح الرأس بألوان الخشب.

الأحمر والعاطفة

خلود كريمو مثلت الوردة ببورتريه لوجهين أنثويين متداخلين بعض الشيء بأسلوب تعبيري يظهر جمال الملامح، وركزت على مساحة اللون الأحمر ضمن جزء من الخلفية الذي يدل كما ذكرت على العلاقة الدافئة والعاطفة والجمال.

الوردة والسلام

وبيّنت ونسة العابد اهتمام الجمعية بالوردة الشامية كونها تواكب الأشياء التي تلامس وجدان الشعب السوري، وتابعت عن مشاركتها بعمل دمج بين الوردة الشامية والسلام برمزية سنابل القمح والمرأة السورية بألوان الزيتي بأسلوب واقعي تعبيري.

كما شاركت وفاء خياط  بمجموعة ورود منوعة كون بلدنا غنية بالورد كما ذكرت بشفافية الألوان المائية، وتميزت مشاركة الفنانة نجوى الشريف بأسلوبها التعبيري بالربط بين الأنثى والوردة بحالة شاعرية، كما قدم ملاك درويش لوحة رائعة تسرد مشهداً درامياً لبائعة الورد.

والختام مع رئيس جمعية بيت الخط العربي والفنون الفنانة ريم قبطان التي أشارت إلى أن النقد حالة صحيحة وإيجابية تدل على العمل والإنجاز، وتابعت عن مشاركتها بعملين، استخدمت فيهما الألوان المائية بتقنية مختلفة، الأول لبيت شعر من قصيدة نزار قباني بخط النستعليق ومزخرفة بالوردة الشامية بأسلوب المنمنمات
” والفل يبدأ من دمشق بياضه”. والعمل الثاني عن تفاصيل وريقات الوردة الشامية بشفافية الألوان المائية بالتشكيل.