بوتين: روسيا متمسّكة بتطوير علاقاتها مع الدول الإفريقية
موسكو – جوهانسبرغ – تقارير
على خطّين متوازيين، تعمل الدبلوماسية الروسية الهادئة على استقطاب مزيد من الأصدقاء في العالم، متجاوزة بذلك جميع أحلام الغرب الجماعي في محاصرة روسيا وإنقاص عدد أصدقائها، حيث جاءت العقوبات الغربية على موسكو بنتائج عكسية، وزادت عدد الدول المؤيّدة لسياساتها، ففي حين سعى الغرب إلى استغلال الأزمة الأوكرانية لتجويع الدول الفقيرة وخاصة في إفريقيا، تعهّدت روسيا بتعويض نقص الحبوب للدول المحتاجة سواء بالطرق التجارية أم بالمجان، وذلك كله بالتوازي مع تعميق علاقاتها مع هذه الدول وغيرها عبر توسيع التكتلات السياسية والاقتصادية والأمنية وضمّ أكبر عدد من الدول إليها، وصولاً إلى رسم ملامح عالم جديد متعدّد الأقطاب بعيداً عن الهيمنة الغربية.
فقد أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تمسّك بلاده بمواصلة تطوير علاقاتها مع البلدان الإفريقية وتحفيز التجارة والاستثمار معها ومساعدتها في مكافحة الفقر.
ونقل موقع RT من بوتين قوله في كلمة وجّهها للمشاركين والضيوف في المنتدى الاقتصادي والإنساني الروسي الإفريقي: “إن التعاون مع إفريقيا بلغ في السنوات الأخيرة مستوى جديداً وتعتزم روسيا تطويره لتحفيز التجارة والاستثمار والعمل معاً لحل عدد من القضايا مثل مكافحة الفقر وضمان الأمن الغذائي والتغيّر المناخي”، مؤكداً مواصلة روسيا مساعدة البلدان الإفريقية في تعزيز سيادتها وزيادة المشاركة النشطة لها في حل القضايا الإقليمية والدولية.
وأضاف بوتين: “بالطبع سنواصل مساعدة الشركاء الأفارقة بكل الطرق الممكنة في تعزيز السيادة الوطنية والثقافية”، مشيراً إلى أن إفريقيا أصبحت اليوم أحد أقطاب العالم الناشئ المتعدّد، ومشدّداً على دعم موسكو لتطلعات الدول الإفريقية في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والتقدم.
وتحتضن مدينة بطرسبورغ القمّة الثانية والمنتدى الاقتصادي والإنساني (روسيا-إفريقيا) يومي الـ27 والـ28 من الشهر الجاري.
إلى ذلك، رفضت روسيا التحدّث في اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن صفقة الحبوب على خلفية قيام بريطانيا بمنع مشاركة المتحدث الروسي الأسقف جدعون في اجتماع حول اضطهاد الكنيسة الأرثوذكسية بأوكرانيا.
وأوضح نائب مندوب روسيا الدائم في المجلس ديمتري بوليانسكي أنه “احتجاجاً على محاولة بريطانيا استبعاد المتحدّث من المشاركة في اجتماع لمجلس الأمن على الرغم من أن هذا المرشح يفي تماماً بالمعايير، أي أنه مختص بالمسألة المدرجة في جدول الأعمال، فإننا لن نتكلم في الجلسة القادمة، ويرجى تعديل قائمة المتكلمين وفقاً لذلك”.
وعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعين بشأن أوكرانيا، حيث يأتي الاجتماع الأول بناءً على طلب روسيا حول ما يتعلق باضطهاد الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، وكان من المفترض أن يتحدّث الأسقف السابق للكنيسة جدعون لكن بريطانيا منعت مشاركته، كما سيعقد المجلس اجتماعاً بشأن صفقة الحبوب التي طلبتها أوكرانيا.
وفي وقتٍ سابق، أكّدت مديرة قسم التحليلات في اتحاد الحبوب الروسي إيلينا تيورينا أن روسيا بعد تعليقها اتفاق الحبوب، قادرة بالكامل على تعويض فاقد القمح الأوكراني للبلدان المحتاجة.
وأضافت تيورينا: “وزارة الزراعة الأمريكية تتوقّع في العام الزراعي 2023-2024 انخفاض طاقات التصدير الأوكرانية للقمح بنسبة 37.5٪ إلى 10.5 ملايين طن، ويمكننا تعويض هذا الفاقد الذي يقدّر بـ10 ملايين طن بسهولة في ظل حجم صادراتنا الموسم الماضي وإمكاناتنا الحالية”.
وأشارت إلى أن القمح هو محصول تصديري رئيسي لروسيا حيث تبلغ نسبته من إجمالي محصول الحبوب في روسيا 68٪، بينما حصة روسيا في صادرات القمح العالمية 22٪.
تجدر الإشارة إلى أن اتفاق الحبوب أبرم بمبادرة من أنقرة بين روسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة.
وينص على سماح روسيا بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر ممر إنساني فتحه الأسطول الروسي في البحر الأسود، شريطة إتاحة وصول الحبوب والأسمدة الروسية إلى السوق.
ووقفت العقوبات الغربية حجر عثرة على طريق تطبيق الاتفاق، حيث تعهّدت دول العقوبات بعدم تقييد حركة الصادرات الروسية من الأسمدة والحبوب والزيوت والغذاء، بينما تعاقب شركات التأمين وخدمات السفن التي تتعامل مع موسكو، ما عطّل حركة الصادرات الروسية، واضطرّ موسكو أخيراً لتعليق العمل بالاتفاق.
من جهة ثانية، أكّد أمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف أن الولايات المتحدة وأتباعها في الدول الغربية يبذلون قصارى جهدهم لتصعيد الصراع في أوكرانيا عبر الاستمرار بتزويدها بذخائر عنقودية.
ونقلت سبوتنيك عن باتروشيف قوله لصحيفة “روسيسكايا غازيتا” على هامش اجتماع كبار الممثلين المسؤولين عن القضايا الأمنية لدول “بريكس” والبلدان الصديقة، المنعقد في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا: “إن روسيا ورغم كل ذلك مستعدّة للحوار وهو ما كرّرته في مناسبات عديدة”، مشدّداً على ضرورة وجود تشجيع من الرعاة الغربيين لنظام كييف الذي رفض التفاوض مع روسيا للقيام بخطوات عملية في هذا السياق.
وأشار باتروشيف إلى أن الوضع في أوكرانيا مثال واضح على ممارسات الغرب الهدامة تجاه القضايا الدولية.
وعقد رؤساء مجالس أمن بلدان مجموعة “بريكس” اجتماعاً موسّعاً لبحث القضايا الأمنية، ومناقشة مجموعة من القضايا الراهنة المتعلقة بالأمن الدولي وآفاق التفاعل بين دول بريكس والدول المهتمة بتعميق التعاون مع خماسي المنظمة “روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا”.