دراساتصحيفة البعث

“بلاك روك”.. وسيط الدم في أوكرانيا

سمر سامي السمارة

أصبحت أوكرانيا رمزاً لإطالة الحرب، فالأموال والأسلحة تتدفقان بلا هوادة، بينما تتوقف أي مفاوضات لإنهاء الأعمال العدائية لأن الأموال موجودة وستستمر في التدفق، الأمر الذي يطرح التساؤل التالي من المستفيد من موت مئات الآلاف؟.

تتصدر شركة “بلاك روك” الأمريكية، و مصرف “جي بي مورغان”  قائمة قراصنة البنوك التي تجني أرباحاً طائلة بسبب الاقتصاد المتزعزع، فأسعار السلع الأساسية المرتبطة بأوكرانيا وروسيا تجعل المستثمرين في هذه الشركات وغيرها متحمسين. ومع ذلك، فإن الربح الحقيقي يلوح في الأفق عندما تستوعب استثمارات الحكومة والقطاع العام في البلد الذي مزقته الحرب جميع الخسائر المالية.

تقول بروك ماستر، المحررة الاقتصادية في صحيفة “فايننشال تايمز”، إن شركة “بلاك روك”، و مصرف “جي بي مورغان”، وشركات أخرى ستقوم بالتدخل والحصول على امتيازات كبيرة بناءً على “تبرعها” بخدمات المشورة، مضيفةً: “لم يتم تحديد هدف رسمي لجمع الأموال، لكن الأشخاص المطلعين على المناقشات يقولون إن الصندوق يسعى إلى جمع رأس مال بأقل التكلفة من الحكومات والجهات المانحة والمؤسسات المالية الدولية والاستفادة منه لاجتذاب ما بين خمسة إلى عشرة أضعاف الاستثمار الخاص”.

فعلياً، تعتبر أوكرانيا عميلاً لمصرف “جي بي مورغان” منذ عام 2010 لجمع الأموال لتخفيف ديون البلاد السابقة،  كما تحقق “بلاك روك”، التي تمتلك حالياً 9.4 تريليون دولار من الأصول الخاضعة لإدارتها أرباحاً طائلة في أسواق العالم، كما يأتي جزء كبير من أرباح شركة “بلاك روك” من استثمارات في أشياء مثل ديون المكسيك المحلية.

ذكرت مجلة “مودرن دوبلوماسي” مؤخراً، أن أكثر من 500 شركة عالمية من 42 دولة قد وقعت على اتفاق مع أوكرانيا، حيث تقف هذه الشركات في انتهاز الفرصة لحيازة أو تحقيق أرباح ضخمة في البناء، والمواد، والمعالجة الزراعية، والخدمات اللوجستية.

وبالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون، فإن أوكرانيا تعتبر أكبر منتج في العالم لعباد الشمس، والزيت والبذور، وأحد أكبر مصدري الذرة والقمح، لذلك منذ أن ألغى زيلينسكي قانوناً بشأن بيع الأراضي الزراعية في أوكرانيا، أتاح الفرصة للشركات الزراعية في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية بشراء ملايين الهكتارات من الأراضي الزراعية في أوكرانيا. وبحسب تقارير لصندوق النقد الدولي، تسيطر عشر شركات خاصة على معظمها.

في النتيجة، عملت شركة “بلاك روك”، وغيرها من الشركات التي تدعم زيلينسكي لضمان أرباحها. لذلك، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يفكر في وقف ممر الحبوب من أوكرانيا عبر البحر الأسود، وفي هذه الحالة يتغير السوق بشكل مذهل، ليندفع لاري فينك من “بلاك روك” ويدعوا دميته في البيت الأبيض ليتأكد من عدم وجود خيار أمام بوتين سوى إلغاء الصفقة، لذا خططت الولايات المتحدة والبريطانيون لتفجير جسر كيرتش مرة أخرى.

وهذه المرة، بشكل أكثر فاعلية من خلال استخدام الطائرات بدون طيار المتطورة أو الغواصين التابعين للبحرية الأمريكية، لتظهر فقاعة ارتفاع أسعار الخبز في ألمانيا وبقية دول الاتحاد الأوروبي، لكن وزارة الخارجية الأمريكية والنازيين الأوروبيين الجدد صرخوا: “بوتين يجّوع إفريقيا!”، لكن لحسن الحظ يدرك الجميع أن الحبوب تذهب إلى الاتحاد الأوروبي أولاً، ومن ثم تذهب إلى الأشخاص الجائعين في إفريقيا.

من الواضح أن كل من  “بلاك روك”، و شركة “كارجيل”، و “مونسانتو”، وشركات أخرى تكسب المزيد من الأموال، وسيؤدي الانتقام المدمر من الكرملين إلى تدمير المزيد من البنية التحتية للقروض لإعادة البناء، ولا يزال الدم هو الوسيط الرئيسي للتبادل بالنسبة إلى لاري فنك ومنافذ أخرى في الغرب.