رشاقة التغيير..!
بشير فرزان
عندما تغيبُ المؤسّسات الرسمية عن ممارسة دورها الخدمي والإداري، وخاصة في مثل هذه الأوقات العصيبة، فهذا سيفتح المجال أمام بعض المؤسّسات غير الرسمية والسماسرة للعمل بحرية وممارسة الدور المشبوه في العلاقة مع المواطن، لذلك لا بدّ من إجراء تعديلات مهمّة وضرورية في منظومة العمل المؤسّساتي وبذل جهود كبيرة لإعادة ترتيبها، فهي بأمسّ الحاجة اليوم، وبما لا يُقاس بأي وقت مضى، لإعادة صياغة بنيانها المؤسّساتي على أسس متينة وراسخة، وخاصة مع وجود عدد لا بأس به من المتطفلين والانتهازيين، سواء داخل العمل الوظيفي أو خارجه.
وللأسف، فإدارة التغيير الهادفة إلى التقدم خطوة نحو الإصلاح لا زالت بعيدة عن غاياتها، وتتناقض تماماً مع إستراتيجية الإدارات الحالية التي تقوم بإعاقة دور الإصلاح الإداري، حيث وضعت المعايير القائمة على الخبرة والكفاءة وراء قضبان واستبدلتها بمفاهيم “الاستزلام” ومدى قرب الأشخاص من المديرين العامين الذي يعتمدون على مثل هؤلاء لتنفيذ إستراتيجية المصالح الشخصية التي تعدّ في مقدمة عوائق الإصلاح المؤسّساتي.
ونذكر هنا أن التغيير في العمل المؤسّساتي لم يعد أمراً اختيارياً، بل هو أمر حتميّ وواجب قسريّ تفرضه العديد من المعطيات والأسباب القديمة والجديدة التي تركت بصماتها المشبوهة على العمل الوظيفي، ولكن لا بدّ من التأكيد على قضية لها خصوصية كبيرة تتجلّى في تفعيل إدارة وقيادة التغيير بشكل صحيح ونحو أهداف حقيقية وصحيحة بدلاً من استيلاد المصطلحات ورميها كحجارة النرد على مبدأ “يا بتصيب يا بتخيب”، في الوقت الذي يبقى فيه التقاعس والصمت والتعامل مع التغيير من خلال الأفكار والقناعات المأزومة والدخول إلى ميادين التجديد من البوابات غير الشرعية القائمة على المحسوبية والنفوذ والاحتضان بعيداًعن الكفاءة والخبرة والأحقية والقوانين الناظمة للعمل المؤسساتي.
بالمحصلة.. التعامل مع قضية التغيير يحتاج إلى عمل مؤسّساتي صحيح وقيادته بشكل مهني ومخطّط ومدروس ومبرمج وممرحل، وبشكل يثمر في النهاية عن إصلاح إداري حقيقي بعيداً عن إستراتيجية “ذر الرماد في العيون”، وبذلك نحقق رشاقة التغيير.