الصفحة الاخيرةحديث الصباحصحيفة البعث

همّ واهتمام

عبد الكريم النّاعم

دخل صديقي وفي وجهه ما ينمّ عن أنّ لديه أمراً ضاغطاً، فبادرتُه: ” ما بك لكأنّ شيئا ما يزحمك من داخل”؟

قال : ” بالفعل”

قلت:” هات ما عندك وفضَّ جرابَك”

قال:” هل رافقتَ ذلك الاهتمام الذي أثير حول الجلسة الاستثنائيّة لمجلس الشعب بتاريخ 24/ 7/ 2023″؟

قلت:” نعم، رافقتُ ذلك بقدَر ما، مثلي في ذلك مثل آخرين، وإنْ كانت اهتماماتنا متعدّدة، ومختلفة”.

قال :” لم أفهم جيداً ما عنيت”.

قلت: ” بداية لفتَ انتباه الناس الاهتمام الرسمي الإعلامي لهذه الجلسة، وافترق الناس في ذلك باتّجاه مشارب مختلفة، وما أقوله أنا واثق منه من خلال صفحات التواصل الاجتماعي ومن خلال ما نقله بعض الزوّار، فثمّة مَن توسّم خيراً، ولو من باب أنّه لا يريد أن يفقد الأمل، وقال عسى أن تكون مقدّمة رسميّاً  تدلّ علامة على انفراج يخفّف بعض ما تعانيه الغالبيّة الغالبة من أهل هذه البلاد، وإلاّ لماذا كلّ هذا الضجيج، وثمّة مَن أدار ظهره معلناً أنّه لم يعد يثق بشيء إلاّ لأن الذين كانوا طرفاً في إيصالنا إلى ما وصلنا إليه، يصعب أن يكونوا هم الحلّ، وثمّة مَن تعاطى مع الخبر باستخفاف يقرب من الكوميديا السطحيّة، وثمّة مَن لم يُثر فيه الخبر أيّ شيء، بل اعتبره أقلّ من عاديّ، فهو مشغول بكيف يؤمّن لقمة أكل ذلك اليوم، كما في كلّ يوم”.

قاطعني:” لقد طننتُ أنّهم سينقلون وقائع الجلسة مباشرة على التلفزيون”.

قلت:” هذا لا يؤثّر في النتيجة بشيء”.

قال:” أنا لم أفهم الكثير ممّا وصلني منقولا عبر التلفزيون، لا سيّما مفهوم ” اقتصاد الظلّ”، فهل تابعتَ بعض اللقاءات التلفزيونيّة التي أُجريت مع أناس قريبين من مواقع القرار، أو هم من ذوي الاختصاص”؟

قلت: “تابعتُ بقدر ما سمحتْ لي مدّة الكهرباء، فنحن منذ فترة يشغلنا كيف حين تتدفّق المياه تغيب الكهرباء، وحين تأتي الكهرباء تكون المياه قد قُطعتْ، لكأنّه عمل جسيم صعب تنفيذه أن يجري التنسيق بين وجود الماء والكهرباء، وهذا وحده يجعلك تشعر أنّ لا أحداً يفكّر فيك، وعليه يمكن القياس.. لقد تابعتُ بعض ما قيل، وليس بِدْعاً أن يتحدّث البعض عن أنّ سوريّة مُستهدَفة، فذلك تحصيل حاصل، وإلاّ لَما أصابنا ما أصابنا، ولكنّ النّاس ملّت من هذا الكلام، لأنّه يوحي بأنّه سيكون تسويغاً لكثير من التقصير الواقع من قِبل الجهات المُعنيّة.. أمّا ” اقتصاد الظلّ”، فأنا لم أكن أعرف شيئا عنه حتى سألتً أحد مَن توسّمتُ فيهم أنّه من العارفين، فبسط لي صورة مجملة عنه، وليتهم توسّعوا قليلاً في أهميّة مثل هذا الاقتصاد في المساعدة على التخفيف ممّا نشكو.

يا صديقي، قبل مدّة ليست ببعيدة كان راتب الموظّف، أو المتقاعد يكفي لمدة عشرة أيام بصعوبات بالغة، ومُداورات، ومُناورات، وهو اليوم لا يكفي لثلاثة أيام، فماذا نفعل وسعر صرف الدولار في كلّ يوم يرتفع؟ وهذا يعني غلاء كلّ شيء، فكيف يستطيع الانسان “العيش”؟ أقول “العيش” لا “الحياة”؟!!

متى يستطيعون إيقاف هذا الانهيار السريع؟ لا أدري، ومن هنا كانت خيبة الناس كبيرة جداً، لأن العباد بحاجة لمن يساعدهم على انتشالهم ممّا هم فيه، لا لِمَن يشرح لهم الأسباب التي أوصلتْهم إلى ذلك القاع. أرسلنا مَن يشتري كيلو سكّر فأجابه البائع: “لا يوجد”، وهو موجود، ولكنّه علم أنّ ارتفاعا سيطرأ في اليوم التالي فلم يَبِع، فنحن بين فكّي جشع التاجر، وعجز مَن يُطلَب منه الحل”..

aaalnaem@gmail.com