المقداد وعبد اللهيان: الخطوات العملية بدأت تُتخذ لتنفيذ الاتفاقيات الثنائية
طهران – سانا
أكّد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد أن العلاقات السورية الإيرانية مستمرة في تحقيق إنجازات لمصلحة البلدين الصديقين، مشيراً إلى بدء الخطوات العملية لتنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصّل إليها خلال زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سورية مؤخراً.
وقال المقداد خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في طهران: “الزيارة إلى إيران البلد الشقيق تأتي في إطار مواصلة تبادل الأفكار والآراء حول مستجدّات المنطقة، ونحن نعبّر عن ارتياح سورية قيادةً وشعباً للزيارة التي قام بها الرئيس إبراهيم رئيسي إلى سورية مؤخّراً، والتي كانت مهمةً جداً ومفتاحاً جديداً لتعزيز العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين”، موضحاً أن العلاقات الثنائية مستمرّة في تحقيق إنجازات لمصلحة البلدين، وأن الخطوات العملية بدأت تُتخذ على مستوى قيادتي البلدين من أجل تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل إليها.
وأضاف المقداد: “تم عقد اجتماع اللجنة المشتركة بين البلدين برئاسة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر الخليل من الجانب السوري، وعضوية وزير الاتصالات والتقانة المهندس إياد الخطيب وعدد من معاوني الوزراء، وجرت خلاله مناقشة كل القضايا المتعلّقة بالتعاون الثنائي، بهدف تعميقه وحل الجوانب التي أعاقت العمل المثمر بين البلدين، إضافةً إلى تبادل الآراء بشأن تطورات الوضع في سورية والمنطقة واجتماعات أستانا والاجتماعات الرباعية لسورية وروسيا وإيران وتركيا، والدور المدمّر الذي تقوم به الولايات المتحدة واحتلالها المباشر لأراضٍ سورية”.
وتابع المقداد: “نقول للأمريكيين الذين يرتكبون بشكل يومي جرائم ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، ولكل من يقف إلى جانب العدوان الأمريكي: إن هذا لا يمكن أن يستمر وإن الشعب السوري لن يتحمّل ذلك إلى ما لا نهاية، وعلى قوات الاحتلال الأمريكي الخروج من الأراضي السورية قبل إجبارها على ذلك، ويجب على قوات ما يسمّى (التحالف الدولي) الذي يدّعي زوراً محاربة تنظيم (داعش) الإرهابي الخروج أيضاً، لأنه يسعى فقط إلى خدمة أهداف (إسرائيل) والولايات المتحدة”.
وقال المقداد: إن الأشقاء في إيران جدّدوا وقوفهم إلى جانب سورية في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وفي مجالات التعاون الأخرى، إضافةً إلى بحث التعاون الذي يتم أيضاً على المستوى العربي وعلى المستوى العربي والإيراني، وهذا ما أكّدت سورية مراراً تأييده وضرورة استمراره، لأنه لا مصلحة لدول المنطقة أن تقف في مواجهة بعضها، بينما الولايات المتحدة تهاجمها في كل مكان وترسل أساطيلها لكي تستعمر هذا الجزء أو هذه المياه، وتسخّرها لمصلحتها ومصلحة الكيان الإسرائيلي.
وأكّد وزير الخارجية والمغتربين ترحيب سورية ودعمها لكل المبادرات من أجل عودة اللاجئين إلى وطنهم، لكن الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي تقوم بنهب ثروات سورية والمنطقة تسعى إلى إعاقة هذه العودة، بذريعة أن الظروف غير مواتية، وتقوم بفرض إجراءات اقتصادية قسرية غير شرعية تتسبّب بتأخير هذه العودة وحرمان السوريين من أبسط احتياجاتهم.
وبيّن المقداد أن واشنطن تستمر بدعم التنظيمات الإرهابية والميليشيات الانفصالية التي تنهب ثروات سورية في منطقة الجزيرة، وتحرم مع تركيا أهالي الحسكة من المياه منذ أشهر في جريمة ضدّ الإنسانية، متسائلاً: أين هم في ذلك من حقوق الإنسان التي يدعون احترامها، هم بالطبع يكذبون لأنهم لا يريدون إلا نهب ثرواتنا، فلماذا تستمر واشنطن باحتلال أجزاء من شمال شرق سورية، يوم أمس (الأحد) وحده أخرجت 42 صهريجاً محمّلةً بنفط مسروق، وبعد ذلك يقول الغرب: “إن سورية غير قادرة على استقبال اللاجئين”، متجاهلاً سرقة واشنطن النفط السوري وأساليبها القذرة والمفضوحة في كل أنحاء العالم التي يجب أن تتوقف.
وأشار المقداد إلى أن الولايات المتحدة تريد أن تكون منطقة التنف التي تحتلها مركزاً للتنظيمات الإرهابية التي ترسلها في هذا الاتجاه أو ذاك ضدّ إرادة الشعوب، حيث تقوم بتدوير هذه الأدوات من منطقة إلى أخرى، من سورية إلى أفغانستان إلى باكستان وإفريقيا خدمةً لأجنداتها، بهدف التحكّم بالعالم والاستمرار بسياسة القطب الواحد والهيمنة التي تمارسها مع حلفائها الغربيين في هذه المنطقة وخارجها، مطالباً الغرب بالتوقّف عن دعم الإرهاب والكفّ عن تشجيع أي ممارسات تتناقض مع حقوق الإنسان الأساسية وتتعارض مع حقوق الشعوب، وضرورة إقامة علاقات دولية متوازنة بين كل الأطراف.
وأعرب المقداد عن ارتياح سورية للتطوّرات في المنطقة، فالدبلوماسية الفاعلة بين دولها تبشّر بنتائج خيّرة لشعوبها، ومن يسعى إلى عرقلة هذه الجهود عليه أن يعرف أن الشعب العربي سئم الممارسات الأمريكية التسلطية التي تسعى إلى استمرار الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية، والتغطية على اعتداءاته وجرائمه المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني الذي نتضامن معه ونقف إلى جانبه؛ من أجل نيل حقوقه التاريخية المشروعة في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على أرضه.
وأوضح وزير الخارجية والمغتربين أن ما يشهده كيان الاحتلال يدلّ على عمق أزماته التي يحاول تصديرها عبر تصعيد اعتداءاته على الفلسطينيين، وتوسيع الاستيطان لتنفيذ مخططات الضمّ الاستعمارية، مجدّداً إدانة سورية لجرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية التي يرتكبها والتي أسفرت منذ بداية العام الجاري عن استشهاد أكثر من 200 فلسطيني وإصابة الآلاف.
وأشار المقداد إلى أن ممارسات الاحتلال الإجرامية لا تقتصر على أبناء الشعب الفلسطيني بل تطول أهلنا في الجولان السوري المحتل، الذين نحييهم صغاراً وكباراً على نضالهم وإصرارهم على تمسّكهم بوطنهم وبهويتهم العربية السورية، مؤكّداً أن الجولان جزءٌ لا يتجزّأ من سورية وسيعود إليها مهما طال أمد الاحتلال.
ولفت المقداد إلى أن الوضع في شمال سورية وشمالها الشرقي ليس بخير، فهناك العدوان الأمريكي المباشر واحتلال أجزاء من الأرض، وهناك أيضاً الجيش التركي الذي يحتل جزءاً من أرضنا، ونقول: إنه لا عداء بيننا وبين الشعب التركي، لكننا نؤكّد وجوب خروج أي قوة أجنبية غير شرعية من أرضنا لكي تكون هناك علاقات طبيعية بين الشعبين السوري والتركي.
ورداً على سؤال لمراسل “سانا” في طهران حول مساعي الولايات المتحدة إلى عرقلة العلاقات السورية العربية، قال المقداد: “بعد أن انضمّت سورية إلى الجهد العربي خلال قمّة جدّة أُصيب الغرب والولايات المتحدة بالهيستيريا، وأصبحوا يدينون الدول العربية على قراراتها وكأنهم أعضاء في الجامعة، فهم يريدون إعادة العجلة إلى الوراء، لكن نثق بأن أشقاءنا العرب لن يخضعوا لهذا الابتزاز الغربي، وهنالك اتصالات مع جميع الدول العربية تقريباً في إطار أن تكون العلاقات بيننا بعيداً عن التدخّل الأمريكي والدور المشبوه له وللغرب في المنطقة العربية، وأن نبحث جميعاً عن مصالحنا المشتركة، ونحن مرتاحون للتطورات الجارية على طريق إعادة العلاقات بين بعض الدول العربية وإيران”.
بدوره أوضح وزير الخارجية الإيراني أن الاجتماعات ناقشت تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات بما يخدم مصلحة شعبي البلدين، كما تمّ التطرّق إلى التطورات الإقليمية والدولية، وتأكيد أهمية تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة بعيداً عن التدخلات الخارجية، مشدّداً على وجوب الخروج الفوري لقوات الاحتلال الأمريكي التي تدعم الإرهابيين في سورية، لأن ذلك سيساعد في تحقيق استقرار هذا البلد والمنطقة.
وقال عبد اللهيان: “من أولوياتنا المشتركة متابعة الاتفاقيات التي تمّ التوصّل إليها خلال زيارة الرئيس رئيسي إلى دمشق، وشهدنا تقدّماً في تنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية، وتمّت مراجعتها بما يتوافق مع مصالح البلدين، كما يتم حالياً العمل على تنفيذ اتفاقية التعاملات التجارية بالعملة الوطنية للبلدين، وتعزيز التعاون بين القطاع الخاص ورجال الأعمال وزيادة الرحلات الجوية”.
وأضاف عبد اللهيان: “اتفقنا على العديد من المشاريع والاتفاقيات الخاصة بالموانئ والاتصالات، وغيرها من المواضيع المدرجة على جدول الأعمال المشترك للبلدين، أما فيما يتعلّق بالتعاون في موضوع الترانزيت فقد تمّت إزالة العقبات والعوائق التي طرأت في الأيام الماضية على طريق العبور البري الإيراني مع العراق وسورية ولبنان، ومن لبنان إلى دول أخرى”.
وأكّد عبد اللهيان أن إيران ستواصل جهودها ودعمها لتحقيق الاستقرار في المنطقة ودعم حق الشعب السوري في الدفاع عن استقلال وسيادة بلده، مشيراً إلى أن الاستقرار في سورية لن يتحقّق دون وقف تدخّل الدول الأجنبية، وعودة اللاجئين، ورفع الإجراءات الغربية الأحادية الجانب.
وجدّد عبد اللهيان إدانة إيران للاعتداءات المتكرّرة للكيان الصهيوني على الأراضي السورية، لافتاً إلى أن هذا الكيان هو المصدر الرئيس لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.
وبشأن عودة العلاقات بين سورية وتركيا إلى طبيعتها، قال عبد اللهيان: “نعتقد أن إطار الاجتماع الرباعي هو المسار الدبلوماسي الأنسب للاتفاق وإرساء الأمن على الحدود المشتركة بين سورية وتركيا، وقد انعقدت عدّة اجتماعات على مستوى وزراء الدفاع والخارجية، وطُرح في اللقاء الأخير موضوع عودة القوات العسكرية التركية إلى حدودها وفق جدول زمني، وستواصل طهران وموسكو جهودهما لإنجاح هذه الاجتماعات”.