دول أمريكا اللاتينية ليست مستعمرات
هناء شروف
حاول قادة الاتحاد الأوروبي إظهار وحدتهم وتضامنهم مع مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في قمتهم الثالثة في بروكسل الأسبوع الماضي، لكن رغم ذلك أظهرت القمة خلافاتهم حول القضايا الرئيسية بشكل واضح أكثر.
كانت القمة الأخيرة بين الاتحاد الأوروبي ودول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي قد عقدت قبل ثماني سنوات، وحينها أوضحت الكثير عن الأهمية التي يعلقها الاتحاد الأوروبي على بلدان المنطقة لجميع الأغراض العملية، ولكن الاتحاد الأوروبي استيقظ الآن فقط بعد أن أدرك أنه بحاجة إلى استيراد الليثيوم والمواد الخام الأخرى من أعضاء الجماعة مثل تشيلي والأرجنتين.
ذكّر بعض قادة جماعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في القمة الاتحاد الأوروبي بأن أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأوروبا كلها حضارات، في إشارة واضحة إلى تصريح منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في تشرين الثاني 2022 بأن أوروبا حديقة وأن بقية العالم غابة. وكان الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل واضحاً في التأكيد على أن أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي لم تعد الفناء الخلفي للولايات المتحدة. وقال دياز كانيل: “لسنا مستعمرات سابقة تحتاج إلى مشورة ولن نقبل معاملتنا كمجرد موردي مواد خام. نحن دول مستقلة وذات سيادة ولدينا رؤية مشتركة للمستقبل”.
وأشار بيان صدر بعد القمة إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي بشأن إنهاء الحظر المفروض على كوبا، لكنه لم يذكر الولايات المتحدة بالاسم. ولم يدين البيان الولايات المتحدة “لإعادة تصنيف كوبا كدولة راعية للإرهاب” لكنه يقول ببساطة إنها أوجدت عقبات أمام المعاملات المالية الدولية مع الجزيرة.
لقد دعا الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا منذ فترة طويلة إلى استخدام الدبلوماسية للمساعدة في إنهاء الصراع الروسي الأوكراني وانتقد بشدة الغرب لتزويد أوكرانيا بالأسلحة والمعدات العسكرية، وقال في القمة إن “السباق على الأسلحة يجعل معالجة قضايا مثل تغير المناخ أكثر صعوبة”، حيث لقي بيانه صدى لدى العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم.
وبسبب الخلافات الحادة بين الجانبين اكتفى بيان القمة بالقول: “إننا نعرب عن قلقنا العميق بشأن الحرب الجارية بين روسيا وأوكرانيا”، رافضاً إصرار الاتحاد الأوروبي على إدانة روسيا، لكن مثل جميع البلدان في العالم النامي، لم ينضم أي من أعضاء جماعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي البالغ عددها 33 إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات اقتصادية على روسيا.
وتعهد الاتحاد الأوروبي باستثمار 45 مليار يورو (50 مليار دولار) في الدول الأعضاء في جماعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بحلول عام 2027 من خلال مبادرته “البوابة العالمية”، وذكر سفير البرازيل لدى الاتحاد الأوروبي بيدرو ميغيل دا كوستا إي سيلفا الاتحاد الأوروبي بأن البوابة العالمية يجب أن تكون أكثر على اطلاع باحتياجات دول المنطقة .
لطالما توقع الاتحاد الأوروبي بوابته العالمية كقوة موازنة لمبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين، لكن أعضاء جماعة دول أمريكا اللاتينية، ومنطقة البحر الكاريبي يرحبون بالاستثمارات في مجالات مثل البنية التحتية من جميع البلدان، ويرفضون فكرة جعل الجماعة ساحة معركة جيوسياسية. لكن حتى الآن لا تزال البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي إلى حد كبير مبادرة من الوعود الفارغة مقارنة بمبادرة الحزام والطريق.
سئم الرئيس البرازيلي لولا الاستماع إلى قادة الاتحاد الأوروبي وهم يلقون المحاضرات على البلدان النامية، وانتقد الاتحاد الأوروبي بسبب مطالبه البيئية أثناء التفاوض على اتفاقية التجارة “ميركوسور” المتوقفة منذ فترة طويلة بين الاتحاد الأوروبي والأرجنتين والبرازيل وباراغواي وأوروغواي. ووصف رسالة الاتحاد الأوروبي إلى “ميركوسور” بأنها “رسالة تهدد بالعقاب إذا لم نلبي متطلبات بيئية معينة”، وقال “لا يناقش شريكان استراتيجيان التهديدات بل نناقش المقترحات”.