هل تكون مصر مركزاً للحبوب الروسية؟
تقرير اخباري
بدأت روسيا تخطّط لِأن تجعل مصر مركزاً للحبوب الروسية، وتراهن عليها في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا نظراً إلى كونها أحد الشركاء الرئيسين لروسيا الاتحادية في منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية، إنطلاقاً من علاقات التعاون الوثيقة بين الجانبين منذ أربعينيات القرن الماضي.
يُصادف هذا العام ( 2023 ) الاحتفال بمرور ثمانين عاماً على العلاقات الدبلوماسية بين مصر وروسيا، التي تتسم بأنها على درجة عالية من الأهمية، بالإضافة إلى كونها تاريخية وعميقة وتشمل جميع المجالات تقريباً، بما يمكن أن تصنّف على أنها علاقات ذات “طبيعة إستراتيجية”، فدائماً ما ينظر إلى روسيا على أنها شريك سياسي وأمني وتنموي لمصر.
وانطلاقاً من القمّة الثانية الروسية – الإفريقية الثانية التي عُقدت في مدينة سان بطرسبرغ الروسية يومي 27 – 28 تموز الفائت لتعزيز الشراكة بين روسيا ودول القارة السمراء، ستشغل المشاركة المصرية دوراً في تعزيز التعاون الروسي – الإفريقي، حيث تنظر روسيا إلى مصر كونها بوابة إفريقيا.
وتأتي هذه القمّة في الوقت الذي تشتد فيه حِدّة الأزمات الدولية، إذ تُعاني دول القارة من أزمات اقتصادية وغذائية طاحنة، خاصةً مع إعلان روسيا انسحابها من اتفاقية تصدير الحبوب الشهر الفائت، واستمرار التداعيات السلبية للأزمة الروسية – الأوكرانية على العالم أجمع وخاصة الدول الإفريقية.
كان من بين تبعات الحرب الروسية – الأوكرانية، تراجع الطلب على القمح الروسي بسبب العقوبات الغربية على روسيا التي تَحول دون سير عمليات توريد القمح على النحو السابق، في الوقت عينه تزداد الحاجة المصرية لاستيراد القمح بعد تراجع المحصول الأوكراني الذي كانت تعتمد عليه مصر قبل الحرب، وهي معادلة جمعت مصر وروسيا على طاولة المصالح المشتركة.
وتعدّ مصر أفضل الدول المرشّحة لتكون مركزاً للحبوب الروسية، ذلك أن مصر تسعى لأن تضم مركزاً لوجستياً لتخزين الحبوب وإعادة تصديرها للدول العربية والإفريقية، لا سيّما أنها تتوفّر لديها الشروط اللازمة للوفاء بهذا الدور المحوري، بدايةً من الصوامع التي زادت طاقتها من نحو 1.4 مليون طن في 2014 إلى 5.5 مليون طن راهناً.
كما أن موقع مصر الجغرافي يوفّر شرطاً ثانياً يؤهّلها لأن تجتذب الرهان الروسي، فضلاً عن أن مصر هي أكبر دولة زراعية في المنطقة سواءً من حيث الإنتاج أو الاستهلاك، غير أن ما تراهن عليه روسيا ليس التوريد للسوق المصرية فحسب، بل الاعتماد عليها في التخزين والتوريد لبقية الدول لا سيّما بعد تبعات الحرب.
وفي سياق المشروع الروسي اتجه البنك المركزي الروسي، مطلع العام الجاري، لإدراج الجنيه المصري ضمن سلّة أخرى من العملات تمهيداً لتطبيق آلية تسوية مدفوعات التبادل التجاري بالعملات المحلية بدلاً من الدولار.
د.معن منيف سليمان