حاوية الأغصان ورحلة الزمان
غالية خوجة
لم يخطر لأشجار المشهد أن ذاكرتها ستتحوّل إلى صورة، وأن أغصانها المقلّمة ستكون في حاوية نالها نصيبها من الشظايا الإرهابية، ولم تدرك أوراق الشجر المنتشرة على الرصيف أن الهواء سيأخذها معه إلاّ عندما التفتت الطفلة قائلة: ما أجمل الحاوية اليوم، ليتها تظلّ جميلة هكذا، وليت الشوارع تظلّ نظيفة، وتنتشر فيها هذه الأوراق الخضراء والصفراء.
ابتسمت الأم وتابعت وطفلتها الطريق وهي تقول في نفسها: ليت الحزن لا يقلّم قلب الإنسان، ليت الوقت لا يقلّم عمر الإنسان، ليت الناس تقلّم السلبيات من حياتها لتصبح حياتنا أجمل.
حينها، ابتسمت الأشجار وبدأت أغصانها تفوح برائحة خضراء تنبت ببطء من قلبها، وتتفتّق نبضاتها أوراقاً صغيرة خضراء جديدة لا تنسى وصية أجدادها وهي تتشبّث بجذورها أكثر لتظلّ أرضها الأجمل.