الثنائيات الغنائية الخالدة في التراث الغنائي بأصوات سورية بقيادة فتح الله
ملده شويكاني
“فليست عشيات الحمى برواجع إليك، ولكن خل عينيك تدمعا”.. أبيات الصمة القشيري كانت حاضرة في دار الأوبرا بحوارية غنائية موسيقية في الأمسية الرائعة التي قدمتها الفرقة الوطنية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله، على مسرح دار الأوبرا والتي أحيّت ذكرى الثنائيات الخالدة في التراث الغنائي العربي منذ أيام موسيقا الزمن الجميل حتى وقتنا المعاصر.
وقد ترافقت هذه الثنائيات مع الفيديوهات السينمائية لأجمل أفلام السينما العربية والاسكتشات المسرحية إلى الفيديو كليب على خلفية الشاشة، والتي أثرت بجمهور الأوبرا، وكان لها دور بالربط بين الماضي والأداء الغنائي التعبيري المباشر بأصوات الشباب الخريجين والطلاب في المعهد العالي للموسيقا العربية وبمشاركة أكاديميين محترفين، بمرافقة التشكيلة الموسيقية المنوعة وبدور البيانو إياد جناوي.
الجمل القصيرة والغيرة
تميزت الموسيقا بالجمل القصيرة المرافقة للجمل الحوارية القصيرة داخل اللحن الموسيقي المتكامل والغني بالفواصل، وتباين الأداء الغنائي والموسيقي وفق نوعية الثنائيات ومفرداتها، وثمة تقاطعات مشتركة بينها تدور حول نار الغيرة والهجر ومن ثم الوفاق واللقاء.
“يا شقيق الروح”
فبعد الافتتاحية بمقطوعة سماعي “آفاق” (تأليف عدنان أيلوش، وتوزيع مهدي المهدي)، قدم الثنائي مايا زين الدين ورماح شلغين الموشح الأندلسي الذي غنته فيروز مع وديع الصافي بمرافقة الكورال، فبدأت المقدمة الموسيقية بتكثيف موسيقي مع البيانو والإيقاعيات، ومن ثم الفرقة تخللها صولو الأكورديون (لينا ميهوب) فغنت مايا زين الدين “بنفسي تلك الأرض ما أطيب الربا”، ليرد شلغين”وليست عشيات الحمى برواجع إليك”، ثم فواصل إيقاعية، ليتغير اللحن بامتداد درجات الصوت لشلغين بمرافقة صولو الناي ثم القانون” إذ جئت فامنح طرف عينيك غيرنا”، ثم تابعا الحوارية بمرافقة آلات العود والبزق في مواضع إلى التصاعد الغنائي واللحني بمقطع” ياشقيق الروح” لتأتي القفلة مع الكورال “تضحكين لاهية والمحب ينتحب”.
عبد الحليم وشادية
الفيديو الجميل لعبد الحليم حافظ وشادية من فيلم معبودة الجماهير وهما على الدراجة ويدخلان الحديقة كان رائعاً، وزاد من جمالية الأمسية مع الغناء والأداء المباشر “حاجة غريبة أنا حاسس إن ده يوم عيد” (عبد الملك إسماعيل)، فترد ديانا سعيد “وأنا شايفة الدنيا هاربة ويانا في ليل كله سعادة”، وتفاعل الجمهور مع الإيقاعيات المنوعة واللحنية، ثم تقطيع الجمل الموسيقية الصغيرة المرافقة للكلمات، ويتابعان المقطع الثاني “إحساس غريب”، مع الوتريات، ومن ثم القفلة المفاجئة السريعة الغنائية والموسيقية “حاجة غريبة”
حكايات الصيد
ومن مصر إلى لبنان “ويك ياجدي”، وثنائية فيروز ونصري شمس الدين، غنتها سناء بركات وقتيبة عليوي، وحوارية الصيد والتغني ببطولات الجد، مع الأكورديون والإيقاعيات الشرقية والوتريات، وآهات الفوكاليز بصوت سناء بركات، و”حكايات الصيد”، إلى القفلة الثنائية “شو حلو الصيد”.
موسيقا عزيزة
المنعطف الجميل بالموسيقا الآلية لمقطوعة “عزيزة” لمحمد عبد الوهاب وتوزيع المايسترو عدنان فتح الله، والبداية مع امتداد الوتريات ومن ثم الفرقة والفواصل الإيقاعية، كما تخللها صولو الأكورديون، وجاءت القفلة مع تصاعد المتتالية الإيقاعية.
“إنت السبب”
وعودة إلى الزمن الجميل والفيديو الشهير لعبد الوهاب وليلى مراد “يادي النعيم اللي إنت فيه يا قلبي” فيغني بلال الجندي “إنت السبب بالهجر ده والخصام”، دون مرافقة إلا بالفاصل، لتتابع سيلفي سليمان “ده ذنب قلبي من كثر حبي”، ومع المرافقة تتابع الحوارية المعبّرة عن نار الغيرة، ومن ثم يعود اللحن الأساسي والغناء الثنائي “يا دي النعيم”
فريد الأطرش وشادية
وبتفاعل كبير من الجمهور مع فيديو فريد الأطرش وشادية ” ياسلام على حبي وحبك”- غنى الثنائي سيلفانا دياب وفادي زرقا- وعلى وقع التصاعد اللحني” من ساعة قلبي ما حبك” والألحان الجميلة المبنية على الكلمات بتأثير الإيقاعيات مع الخط المرافق للفرقة.
آهات الفوكاليز
وبداية إيقاعية مع المحكمة لكاظم الساهر وأسماء المنور، والحوارية مع سيدي القاضي، بدأت بآهات الفوكاليز مع البيانو ومن ثم الفرقة، وتابع الحوارية هبة فاهمة ومجدي أبو عصفور باعترافات مغايرة لكل من الحبيبين، تظهر من جانب ظلم الأنثى، وكان غناء هبة فاهمة رائعاً ومعبّراً، فغنى رشدي أبو عصفور” كن منصفاً يا سيدي القاضي “لتغني فاهمة” إن الذي أمامك الآن، أشبعني ظلماً وحرمانا” ومن ثم فاصل إيقاعي مع الأكورديون والناي، ليصلا إلى القفلة” ياسيدي القاضي”.
الدرامز والبيانو وسناء بركات
ومن أجمل الثنائيات الراقصة القريبة من الجمهور “بلغي كل مواعيدي مواعيدي”، لملحم بركات وجورجيت صايغ، أدتها سناء بركات بأسلوب رائع مع أداء تمثيلي بمرافقة روجيه لحام، بدأت المقدمة بتأثير ضربات الدرامز والبيانو والإيقاعيات المنوعة، ومن ثم يغني لحام” غمريني بعينيك غمر” وتميزت بدور البيانو.
ومن خلال الأمسية ككل بدا شغف الجمهور بالحواريات الثنائية وبفن الغناء الثنائي، والملفت أن الثنائيات القديمة حافظت على مكانتها بالذاكرة، ولم تستطع الثنائيات الحالية أن تترك أثراً مثلها.