اقتصادصحيفة البعث

أليس الغذاء هو دواء أيضاً..؟! 

قسيم دحدل

لطالما يلحّ علينا السؤال حول الكيفية التي يتعاطى فيها الفريق الاقتصادي مع قطاعاتنا الاستثمارية، حيث القياس بمسطرة واحدة لتلك القطاعات، هذا على الرغم من الفروق والاختلاف بين أنواع الاستثمارات وخصوصية كلّ قطاع عن غيره في متطلباته التشريعية والسوقية والمالية والتشغيلية وحتى النقدية، وبالتالي ما له وما عليه!.

ونرى هذا الخلل واضحاً في التحيّز لقطاعات على حساب قطاعات أخرى، ودليلنا على ذلك قطاع الصناعات الدوائية، وقطاع الصناعات الزراعية والغذائية عامة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، حين نأتي للمقارنة بين الاستثمار في صناعة الدواء، والاستثمار في تربية الدواجن، لناحية عامل المخاطرة في كلّ منهما، نجد أن هذا العامل أعظمي في الأخير، بينما لا يكاد يُذكر في الأول.

ولتأكيد ادعائنا على ما نقول، تعالوا نبيّن بعض الفروقات بين الاستثمارين؛ ففي صناعة الدواء يتمّ التعامل مع مدخلات الإنتاج بوصفها مواد جامدة (بودرة وسائلة)، غير قابلة للتلف والتأذي سريعاً، وفوق هذا قابلة للتخزين فترات طويلة نسبياً، وبالتالي المُنتج عبارة عن حبوب أو كبسولات وسوائل توضع في علب أو زجاجات مهما كبرت لا يتجاوز حجمها كف اليد، ويمكن نقلها وتسويقها وبصلاحية تمتد لسنوات عدة، وحتى لو انتهت الصلاحية يتمّ تدوير الدواء، أي لا خسارة، في حين يتمّ التعامل مع مدخلات إنتاج الدواجن بحرص شديد كوننا نتعامل مع طيور حيَّة تحتاج رعاية طبية وبيئية وغذائية ولمنتجها زمن صلاحية قصير جداً، وعليه فأي اختلال فيها يؤدي لمرض القطيع ونفوقه وخسارة مؤكدة.

ما عرضناه أعلاه يوصلنا إلى ما نريد وضعه تحت المجهر، وخاصة على خلفية ما يحدث في سوق الدواء والدواجن مؤخراً، وكيف تعاطت الحكومة ممثلة بوزاراتها المعنية مع متطلبات هذا القطاع وذاك، حيث رأينا كيف أسرعت إلى إقرار رفع أسعار الدواء أكثر من مرة وآخرها بنسبة 50% و100%، تحت ضغط إخفائه المتعمّد من الأسواق، بذريعة زيادة التكاليف وعدم مقدرة المصنّعين على الاستمرار في الاستثمار! في حين يتكبّد مربو الدواجن الخسائر المتلاحقة، دون أن تحرك الحكومة ساكناً، وتفي بالوعود التي قطعها وزير الزراعة للمربين في اجتماعه الأخير بهم، ليزداد ارتفاع سعر الفروج والبيض خلال اليومين الأخيرين بنسبة 50%، في الوقت الذي كان المربون قد أكدوا أن الأسعار ستنخفض، إذا تمّ استيراد الأعلاف من خارج “منصة التمويل”!!.

ازدواجية في المعايير..، تطرح سؤالاً منطقياً على خلفية أمور غير منطقية تحدث: أليس الغذاء هو دواء أيضاً؟!!.

Qassim1965@gmail.com