في عيد الصحافة .. كلمات حاضرة ومطالب مشروعة.. ومؤجلة!
لا زال الاحتفال بعيد الصحافة السورية المقرر غداً (الخامس عشر من آب من كل عام) يأخذ طابع اللقاء الروتيني بين الزملاء الذي يغلب عليه المصافحة وإلقاء الكلمات وتقطيع قالب “الكاتو” الأنيق، فيما مطالب وحقوق الصحفيين المشروعة تبقى على الهامش حتى البسيط والممكن منها، وهي حالة جعلت أبناء مهنة المتاعب يتساءلون في حيرة: إلى متى هذا الوضع السيئ الذي يعيشه الصحفي السوري؟!
للتريث!
للأمانة، على الورق لم تترك المكاتب التنفيذية المتعاقبة باباً إلا ودقته من خلال تسطير الكتب بحثاً عن حلول لمشكلات الصحفيين.. بعض الجهات استجابت بخجل، وبعضها لم يهتم وفضّل التعامل مع المطالب بكلمة “للتريث”، وهي الكلمة التي أصبحت حديث كل الصحفيين يتندرون بها في كل مناسبة وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، متسائلين: هل عجزت الحكومة عن صرف قيمة تعويض طبيعة العمل على أساس الراتب الحالي لمن أفنوا عمرهم في العمل الصحفي، ومنهم من ضحى بدمه دفاعاً عن كلمة الحق وفضح التضليل الإعلامي خلال سنوات الحرب؟
الوزارة والمكتب!
العديد من الزملاء حملوا المكاتب التنفيذية المتعاقبة ووزارة الإعلام المسؤولية، فالجهتان – من وجهة نظرهم – لم تضغطا بالشكل الصحيح لتحصيل هذا الحق المشروع الذي يكفله القانون، وبرأيهم لا توجد أي مبررات مقنعة لتأخيره كل هذه السنوات وحرمان الصحفيين منه، علماً أن المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين الحالي والسابق اجتمع مع رئاسة الحكومة لأربع مرات خلال السنوات الأربع الماضية، وفي كل مرة يخرج بوعود حسم الأمر، لكن “ع الوعد يا كمون!”.
يأس وإحباط!
في أحاديثهم بمؤسساتهم ولقاءاتهم الخاصة وعلى صفحاتهم الشخصية وعبر مجموعات الواتساب الخاصة بهم، لا يخفي الزملاء الصحفيون أنهم وصلوا إلى درجة كبيرة من الإحباط واليأس، فيما يخص طبيعة العمل الصحفي وواقعهم المهني والاجتماعي، وبعضهم دعا لنسيان الأمر، والاهتمام بأمور أخرى تتعلق بالضمان الصحي للصحفيين في ظل ارتفاع أسعار الأدوية وأجور المعاينات والعمليات الجراحية، ما جعل بعض الصحفيين “يتسولون” على أبواب الجمعيات الخيرية للحصول على أدوية مجانية لأمراضهم المزمنة!
تساؤلات؟؟
وهنا تساءل البعض: هل يعقل أن سقف الضمان الصحي في الاتحاد لا يتجاوز الـ 40 ألف ليرة، وهو لا يكفي لشراء علبة دواء واحدة؟!
هل يعقل أن يخرج الصحفي براتب تقاعدي بحدود الـ 22 ألف ليرة؟!
هل يعقل أن يكون 70% من الزملاء الصحفيين يقطنون في مناطق المخالفات، وأغلبهم بالإيجار؟!
هل يعقل أن يعجز الصحفي عن شراء أو تبديل جهاز الموبايل بعد أن ارتفعت أسعار الأجهزة وجمركتها إلى ملايين الليرات؟!
لماذا لا تكون هناك صيدلية خاصة للصحفيين تبيع الدواء بسعر التكلفة؟
لماذا لا يتعاقد الاتحاد مع شركات للتأمين الصحي كباقي المنظمات ومؤسسات الدولة؟!
أين الضمان الصحي اللائق للمتقاعدين من الزملاء الذي يعيش أغلبهم على المسكنات وغيرها من الأدوية غالية الثمن؟
أمر مؤسف!
مهنياً.. تأسف الزملاء لحال الإعلام، فـ “الصحافة سلطة رابعة، لكن على أرض الواقع لا وجود لها”، مطالبين بدور إيجابي للإعلام الوطني، وتطوير خطابه ونقله من الحالة النمطية التي ملّ منها المواطن إلى خطاب إبداعي عصري يقترب أكثر من هموم المواطن ويعبّر تعبيراً حقيقياً عن نبض الشارع، بحيث يكون إعلام مواطن، وليس حكومة كي يحصل على ثقته ودعمه في البحث عن الحقيقة؛ فيما طالب آخرون بزيادة الاستكتاب الصحفي ليكون داعماً ومحفزاً على العمل، مشيرين إلى أن الصحفي يدفع كثيراً من ماله وجهده حتى ينجز مادته، لكنه لا يأخذ ما يوازي هذا الجهد!
ما هبّ ودبَّ!
وفيما يخص الشأن التنظيمي، استغرب بعض الزملاء الآلية التي يتم فيها الانتساب للصحفيين، مشيرين إلى وجود أعضاء في الاتحاد لا يحق لهم أن يكونوا في جدول الصحفيين المتمرنين أو العاملين، مطالبين المكتب التنفيذي بالتشديد في قبول العضوية، والوقوف بوجه الدخلاء على المهنة، بحيث لا ينتسب إلى الاتحاد إلا الصحفي الحقيقي الذي يمارس المهنة، مشيرين إلى وجود زملاء انتسبوا للاتحاد “من أجل البطاقة فقط لتسهيل أمورهم ومصالحهم الشخصية أولاً”، على حد قول أحد الزملاء!
تقصير اجتماعي!
من يتحدث مع الزملاء الصحفيين يجد لديهم عتبا كبيرا على المكتب التنفيذي، لجهة عدم الاهتمام بالجانب الاجتماعي، كإقامة لقاءات دورية في النادي، أو في أي مؤسسة إعلامية، مشيرين إلى أن عددا كبيرا من الزملاء الصحفيين لا يعرفون بعضهم إلا بالاسم، وتمنوا زيادة المساعدات الاجتماعية لمن يجري عملاً جراحياً أو يتعرض لظرف طارئ، خاصة وأن العديد من الصحفيين تأثرت منازلهم خلال سنوات الحرب، وكذلك الزلزال الأخير، مؤكدين أن الاهتمام بالجانب الاجتماعي أمر في غاية الأهمية لزيادة الألفة بين الزملاء كأسرة واحدة في ظل هذه الظروف الصعبة.
لا نريد!
واستغرب جانب من الزملاء كيف يتم الحديث عن الإنجازات التي حققها الاتحاد في المؤتمرات والاجتماعات العربية والعالمية، بينما الصحفي السوري داخل الوطن يقضي ليله ونهاره بحثاً عن قوت يومه وكيفية تعليم أولاده؟!
الصحفيون يريدون الاهتمام بالصحفيين في الداخل، فالصحفي إن لم يكن مرتاحاً في بيئة عمله، وفي حياته مع أسرته، لن يكون قادراً على العطاء، وقال أحد الزملاء: يجب أن لا نعلي سقف طموحنا كثيراً طالما لا يزال ينظر للصحفي كأي موظف في الدولة، مطالباً بالخروج من هذه النظرة النمطية للصحفي الذي يجب أن يُعامل كمبدع يحتاج لظروف عمل خاصة وحوافز مجزية تتوافق والجهد الفكري والتعب النفسي الذي يبذله في سبيل انجاز مادته الصحفية.
الاستثمار هو الحل!
بالمختصر، يتفق الزملاء أن حسن الاستثمار وإدارته في موارد الاتحاد المتاحة، كالأراضي والعقارات، وما يتلقاه من دعم – وإن كان زهيداً – من الحكومة يشكل مخرجاً للكثير من الأمور، وخاصة تغذية صناديق الاتحاد الخاوية، لذا من المفروض أن يضغط المكتب التنفيذي على الجهات المعنية لحل الإشكاليات العالقة، كأرض شارع النصر، وأرض باب شرقي في دمشق وأرض الديماس، والعمل على استثمار مقر الاتحاد في حي القصور بدمشق، ومنتجع خان العسل بحلب، وفندق الحسكة، وأرض صلنفة وغيرها من أراضٍ تحتاج لتثبيت الملكية واستثمارها.
غسان فطوم