الوعي مفتاح السر
غالية خوجة
صمود الدولة العربية السورية في وجه الإرهاب ومخطّطاته هو “صمود الشعب” الذي تمتد جذوره لآلاف السنين، والذي تراكمت تجاربه وجعلته واعياً بما يخطّط له، ليس فقط من الإرهاب المعاصر، بل من كلّ إرهاب كان على مرّ العصور، لأنه “لا يوجد دولة تدمّر الوطن”، هذا ما اختزله بشفافيته المعهودة السيد الرئيس بشار الأسد، في حواره مع قناة “سكاي نيوز”، مؤكداً أن هذه السيناريوهات وضعت لتكون حالة رعب، ويصبح جميع المواطنين هدفاً في هذه الحالة العامة: “فكان لدينا في سورية وعي تماماً للسيناريوهات التي وضعت في الإعلام وسوّقت في الإعلام لكي تخلق حالة من الرعب، لذلك، لم تكن هذه السيناريوهات في عقولنا بشكل عام، خاصة، أننا كنا نخوض معركة وجودية لأن المستهدف لم يكن القذافي.. كانت ليبيا، والمستهدف لم يكن صدام حسين.. كان العراق، والمستهدف لم يكن الرئيس بشار.. كانت سورية”.
وكلّ مواطن عالم بأن المستهدف كل مواطن عربي سوري ورموزه الوطنية، ومجتمعه، ووطنه، وجذور وحضارة هذا الوطن، والأمة العربية بلا شك، لذلك، كان وعي الشعب العربي السوري هو كلمة السر ومفتاحها في دعم القضايا التي يدعمها الرئيس إضافة للتحدي والصبر والانتصار على الحرب طويلة الأمد، والإرهاب، والحصار.
وكلّ مواطن منا، سواء كان داخل وطنه أو خارجه، كان واعياً لهذه السيناريوهات فتمسّك أكثر بوطنه، وقدّم الشهداء والأبرياء لهذا العلم بعينيه الخضراوين، وما زال يقدّم متحمّلاً الظلم والجوع والفقر لأنه موقن بأنه على حق، وهذا ما صدم العالم أجمع، وهذا الوعي الوطني الصامد والصادم كان عقائدياً مثل جيشه العربي السوري، ما جعله أسطورة العصر التي تحدّت الإرهاب العالمي وداعميه، لأن المواطن السوري إنسان حضاري، وهو أول من بنى أقدم المدن في العالم سواء دمشق أو حلب أو اللاذقية، وهو أول من عرف الأبجدية وعرّفها للعالم، وأضاف إليها رقيمات “النوتة” الموسيقية، والعلوم والمعارف والآداب والرياضيات والفلسفة والفلك والهندسة، وهذا ما أجّج مزيداً من الأحقاد عليه، فلم ولن يستطيعوا تحويله إلى إنسان جاهل، ونذكّرهم بأنه الإنسان العربي السوري الذي أينما حلّ على هذه الأرض سيعلّم الآخرين الحضارة لأنها صبغيات متناسلة في حمضه النووي، ولأن انتماءه وهويته ومجتمعه الفسيفسائي ووطنه كريات تجري في عروقه وقلبه ودماغه مجرى الدم.
لقد اعتاد المجتمع السوري على التحدي والانتصار رغم كلّ التهاويل والأهوال على مرّ الحقب والأزمنة، واختلاف أشكال وتواريخ الإرهابيين الذين نحمّلهم مسؤولية القتل والدمار أمام الله والتاريخ والمحاكم الدولية، ولذلك، أكد الرئيس الأسد: “من يتحمّل المسؤولية هو من وقف مع الإرهاب، من نوى على الحرب، من خطّط للحرب، ومن اعتدى، وليس المعتدى عليه”.
أمّا عن سرّ الصمود الحقيقي للدولة فهو صمود الشعب الأقدم في العالم وإيمانه بالقضية وخبرته وتمسّكه بالحقوق ونضج وعيه للمخطط، ومن أسرار هذا الوعي الإخلاص للوطن الشرف وللشهداء أقمار الوطن الذين يرتدون علم وطنهم وهم أحياء عند ربهم يرزقون، وهذا ما تثق به عائلاتهم الصغيرة وعائلتهم الكبيرة الواحدة أي المجتمع العربي السوري.
فصبراً “آل سورية” على البلوى، فإنكم لمنتصرون رغم مخطّط التدمير والقتل والنهب والسلب ومحاصرة الطفل بلقمته، والمريض بدوائه، وهذا هو ما يعرفه الأعداء المحاصِرون من إنسانية وحقوق إنسان، وقانون إنسان يجعلهم يستكثرون الهواء و”الأوكسجين” على الإنسان العربي السوري لأنه المستهدف وحضارته بمعالمها الأثرية وذاكرته وهويته من قبل من لا يعرف الحضارة ولا القانون ولا الإنسانية.