مجلة البعث الأسبوعية

يختلف عن الشعور العابر بالتوتر عند الالتقاء بالعائلة.. “رهاب الأقارب” قد ينبع من تجارب صادمة وقد يسبب الاكتئاب والعزلة الاجتماعية  

لا أحد يُنكر أن العائلة مهمة بالنسبة لمعظم الناس حول العالم تقريباً، ولكن ماذا لو كانت العائلة والأقارب أحد أسباب المعاناة من حالة نفسية حادة تدفع الشخص المصاب بها للدخول في نوبات من القلق الشديد.

قد يشعر البعض بالفعل بحالة من القلق والتوتر عند الاستعداد لمقابلة الأقرباء وقبل حضور الزيارات العائلية، إذ قد تكون هذه الفعاليات مصدراً للشعور بالانكشاف أو الحرج أو حتى المقارنات الاجتماعية، ولكن أن يعاني الشخص من حالة رهاب حقيقية قد تدفعه للدخول في نوبة من الهلع والأعراض الجسدية الحادة؛ فهو ما قد يحدث للمصابين بـ”رهاب الأقارب”!

 

ما هي “رهاب الأقارب” وتأثيرها على حياة المصاب؟

هل التفكير في الالتقاء بابن عم أو عمة يجعلك تهتز مثل ورقة الشجر؟ قد لا تسير العلاقات العائلية والأسرية دائماً بسلاسة لدى البعض. ولكن إذا كنت تعاني من نوبات الهلع بسبب أقاربك أو احتمالية الالتقاء بهم والحديث معهم، فقد يكون ذلك علامة على معاناتك من رهاب الأقارب.

ويعد رهاب الأقارب أو الرهاب من العائلة الممتدة حالة من الخوف الشديد وغير المنطقي من أفراد العائلة والأشخاص ذوي صلات القرابة باختلاف درجاتها.

يمكن للشخص الذي يعاني من هذه الحالة النادرة أن يدخل في نوبات من عدم الراحة والقلق الشديد للغاية من مجرد التفكير في أقربائه، ناهيك عن الوجود في المكان نفسه معهم أو رؤيتهم.

وتماماً مثلها مثل أنواع الرهاب الأخرى المحددة، قد يجد الشخص الذي يعاني من رهاب العائلة أنه يتجنب ما يخاف منه. حتى إن المصابين بالرهاب قد يأخذون ذلك إلى أقصى الحدود من خلال القيام بكل ما يلزم لضمان عدم تعرضهم أو الاتصال بأقاربهم بأي شكل من الأشكال.

على سبيل المثال، قد يرفض الشخص الذي يعاني هذه الحالة حضور المناسبات العائلية أو حتى رؤية أقاربه في المناسبات الخاصة، مثل عزائم لم شمل الأسرة، وحفلات الزفاف وأعياد الميلاد والإجازات وما إلى ذلك.

 

أعراض رهاب الأقارب الأكثر شيوعاً

 

من المحتمل أن يكون القلق المفرط والتفكير غير العقلاني أحد الأسباب الرئيسية للألم العقلي الذي يعيشه الأشخاص المصابون برهاب الأقارب والرهاب من العائلة.

إذ قد يحاول الشخص المصاب تجنب خوفه من خلال الابتعاد عن التجمعات العائلية، في محاولة للمساعدة في تقليل فرص التعرض لأي قلق. كما قد يعاني حالة من الغضب أو العصبية أو حتى الإحساس بالذنب بسبب المعاناة من “رهاب الأقارب”.

ومع ذلك، قد يؤدي القيام بذلك إلى تفاقم أعراضها على المدى الطويل؛ لأن المصابين قد يبررون دون علمهم خوفهم لأنفسهم من خلال تجنب التجمعات عمداً.

في الواقع، قد يكون القلق الذي يواجه الأشخاص المصابين برهاب الأقارب شديداً لدرجة أنهم قد يعانون من نوبة هلع كاملة عند رؤية أحد الأقارب.

إذ يعاني المصاب بالرهاب من عدة أعراض متزامنة مع نوبات الخوف الشديدة التي تصيبه، منها مثلاً زيادة معدل التنفس، وزيادة معدل ضربات القلب، والتعرق المفرط، والارتجاف أو الارتعاش الشديد، وتوتر العضلات، وارتفاع ضغط الدم، والعديد من الأعراض الأخرى.

ومع ذلك، لن يعاني كل شخص مصاب برهاب الأقارب من نوبات هلع شديدة تستوفي كل هذه الأعراض دفعة واحدة أو في معظم الحالات.

 

أسباب المعاناة من رهاب الأقارب

بالنسبة للعوامل التي تساهم في تطوير الحالة، لا توجد أسباب محددة أو واضحة بعد في علم النفس الإكلينيكي لأي رهاب، وهذا يشمل رهاب الأقارب.

ومع ذلك، يبدو أن المعالجين النفسيين يعتقدون أن أبرز أسباب المعاناة من رهاب الأقارب هو الجينات الوراثية وبيئة الشخص وتجاربه السابقة، إذ تلعب تلك النقاط دوراً مهماً للغاية في تطوير هذا النوع من الخوف.

 

1- التاريخ الوراثي للأمراض العقلية

على سبيل المثال، إذا كان لدى الشخص تاريخ عائلي لأي مرض عقلي محدد أو أمراض عقلية مختلفة، خاصةً من أنواع معينة من الرهاب أو اضطرابات القلق والوسواس، فقد يكون لدى هذا الشخص فرصة أكبر للمعاناة من رهاب العائلة أو رهاب الأقارب.

ويرجع ذلك لاستعداده الوراثي لتطوير أي نوع من الأمراض العقلية، خاصة عند التعرض لأي تجربة سيئة مهما كانت بسيطة أو عابرة.

 

2- الصدمات والتجارب المؤلمة

يمكن أن تؤدي الصدمة إلى رهاب العائلة ورهاب الأقارب عند الشخص مهما كان عمره. ويمكن أن يكون المحفّز مجرد حدث مبكر في الحياة يضعف الاستقرار العاطفي للشخص واحتماله العقلي للوجود بين الأقارب وأفراد العائلة، ومثال على ذلك التعرض للاعتداء الجنسي أو الجسدي من قبل أحد الأقارب.

كما قد يكون الشخص المصاب بالرهاب قد رأى أيضاً أحد أفراد أسرته يتعرض للأذى من أحد أقاربه. كما قد تأتي هذه الصدمة حتى من برنامج تلفزيوني أو فيلم أثار وقعاً قوياً في شخصية وعقل المصاب.

 

خطوات العلاج وإدارة الأعراض

مثل أنواع الرهاب الأخرى، لا يوجد علاج نهائي لرهاب الأقارب، ومع ذلك، يمكن استخدام تقنيات المساعدة الذاتية لتقليل الأعراض وإدارتها لكيلا تتداخل مع جودة حياة الشخص المصاب.

يختار البعض المساعدة المهنية عبر الاستعانة بطبيب نفسي متخصص في العلاج السلوكي للوصول إلى جذر المشكلة وعلاجها، وعادة ما يبدأ العلاج الفعلي في اليوم الذي يقرر فيه المصاب الاعتراف بخوفه ويقرر مواجهته.

إضافة للعلاج النفسي المتخصص، نستعرض فيما يلي بعض تقنيات إدارة الإجهاد التي يمكن ممارستها بمفردك تجاه مختلف أنواع الرهاب:

 

– تمارين اليوغا والتأمل

لا تحقق اليوغا تغييراً إيجابياً للجسم فحسب، بل تجلب أيضاً تغييراً إيجابياً للعقل والروح وتحقق الهدوء والراحة النفسية والعقلية مقابل القلق.

كذلك يساعد إتقان التأمل اليقظ في توجيه الطاقة لشيء إيجابي بدلاً من القلق الشديد والدخول في نوبات من التوتر المزمن والاكتئاب.

 

– تقليل الكافيين

يمكن أن تؤدي الكميات الكبيرة من القهوة على مدار اليوم إلى تفاقم حالة القلق بالفعل. يمكن أن يقلل قَطْع القهوة والأطعمة والمشروبات التي تحتوي على الكافيين من قلقك اليومي.

 

– ممارسة التمارين الرياضية المنتظمة

تساهم ممارسة التمرينات الرياضية في إفراز هرمونات الاسترخاء والسعادة، مثل الإندورفين، الذي يخفف من التوتر ويرفع من مستوى الرضا النفسي للشخص. ومن بين أكثر الرياضات المعززة للصحة النفسية: المشي والركض والسباحة وغيرها.