المهندس عرنوس في افتتاح البرنامج التدريبي لمعاوني الوزراء: رأس المال البشري جوهر مؤسسات الدولة
دمشق – سانا
بحضور رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس، افتتحت وزارة التنمية الإدارية اليوم البرنامج التدريبي الحواري للقيادات الإدارية العليا بمشاركة 42 معاون وزير، ويهدف البرنامج إلى بناء قدرات معاوني الوزراء في صناعة السياسات التخصصية ووضع برامجها التنفيذية والاستجابة للتحديات القطاعية، ومعالجة الإشكاليات التي يعاني منها الجهاز الحكومي، وتطوير مهاراتهم الذاتية بما يمكّنهم من ممارسة وظائفهم بكفاءة وفاعلية أكبر.
وفي كلمة خلال الافتتاح أكّد رئيس مجلس الوزراء أن رأس المال البشري يشكّل جوهر مؤسسات الدولة ورأسمال تنموياً وديناميكياً تطورياً؛ فالدول والمؤسسات لم تعد تتنافس بالموارد المادية والمالية فحسب، بل بإبداع رأس المال البشري وبطاقات القوى البشرية التي باتت أكثر حضوراً في ميزانيات القوة والضعف، وحسابات الربح والخسارة على مستوى المنظمات وعلى مستوى الدول، مشيراً إلى الأهمية التي توليها الدولة للتأهيل والتدريب وبناء رأس المال البشري، ومبيناً أن القيادي الناجح ليس من يدير الموارد بحكمةٍ وعقلانية فحسب، بل هو من يسعى للارتقاء بها وخلق واقعٍ أفضل مما هو عليه وهذا سر النمو والتنمية والنجاح.
وأوضح المهندس عرنوس أن البرنامج التدريبي اليوم يؤكّد الإصرار على استمرار البناء، واستمرار التعلم واستمرار طلب الخبرات والأهلية والمعرفة، كما أنه تعبير واضح عن الإيمان بضرورة ترافق الكم بالكيف والنوع، لافتاً إلى أن من أهم أسرار صمود الدولة السورية في وجه أعتى حربٍ وجودية يمكن أن يتعرّض لها بلد، هو تماسك مؤسسات الدولة وصمود بنيتها وبقاؤها عصيّةً على العدوان.
وبيّن رئيس مجلس الوزراء أن الإدارة السورية كانت واعيةً ومدركةً بكل موضوعية وثقة لأهمية الحاجة للتنافسية والأسبقية والتجدّد في آن معاً، وحرصت في الوقت نفسه وبمتابعة وزارة التنمية الإدارية على تسجيل الخصوصية السورية والاستفادة من المحنة التي مرت بها مؤسسات بلدنا وكتابتها كدروس مستفادة ليس على المستوى الوطني فحسب، بل سيذكرها ويدرسها كل مهتم بالإصلاح الإداري، معتبراً أن البرنامج يشكّل كتابة لمسيرة تاريخ القيادة الإدارية في بلدنا، ويُظهر كيف تعاملت مع البيئة القاسية والظروف المحكومة بشكل غير مسبوق بظروف المخاطرة وعدم اليقين، وكيف نجح العقل الإداري السوري في تجاوزها بالخبرة والتجربة حيناً وبالعلم والمعرفة حيناً آخر.
وأضاف المهندس عرنوس: إن ما يميز جمعنا اليوم هو الهوية السورية الصّرفة التي تثبت كفاءتها وقدرتها وانتماءها الوطني المشرِّف سعياً لتوظيف كامل الطاقات لتعزيز بنية الوظيفة العامة والارتقاء بها نحو الأعلى، حيث نجد أمامناً مدرباً سورياً يحمل في جعبته خبرته الطويلة التي اكتسبها بفضل وطنه، جاء يقدّمها لمعاوني الوزراء القائمين على رأس عملهم ليزيد من إمكاناتهم طاقاتٍ إضافيةً تخدم الوطن.
وأشار المهندس عرنوس إلى تنوّع موضوعات البرنامج التدريبي الذي تم إطلاقه بين واقع وآفاق إطلاق السياسات العامة، ورفع كفاءة الأداء الحكومي وبين أهمية إدارة الظهور الإعلامي وتسويق الفكر الإداري وإدارة الرأي العام، مبيناً أن هذه العناوين تدلّ على المكانة المميزة التي يشغلها الفكر التخطيطي في الإدارة العامة السورية، كما تدلِّل على التكاملية المدروسة بين التخطيط والتنفيذ، وبين التنفيذ وتسويق هذا التنفيذ وهذا ما يعكس أهمية التشاركية الوطنية الفعَّالة بين الجهات المعنية بالتخطيط، والجهات المعنية بالتنفيذ وكذلك الجهات المستهدفة والمتلقية لنتائج الأداء.
وتابع المهندس عرنوس: “في خضمِّ الصعوبات الاقتصادية والمعيشية التي يفرضها علينا أعداءُ البلد، هذه رسالتنا بألّا يُلهينا عن بناء وتنمية بلدنا أي شاغلٍ وأي عدوانٍ، فلم تلهنا القذائف والتفجيرات والحصار والعقوبات عن تمكين مؤسسات الدولة، لأنها ضمانة تحقيق التنمية المستدامة لنا وللأجيال المقبلة، وسنواجه العدوان في جميع الساحات وعلى كل الجبهات، وسننتصر فيها جميعاً كما عادة الحقِّ أن ينتصر على الباطل”.
واعتبر رئيس مجلس الوزراء أن الإدارة العامة ليست هدفاً بحدِّ ذاتها بل هي وسيلةٌ لقيادة المؤسسات، ولتقديم منتجاتٍ وخدمات للمواطنين بأفضل مؤشرات الأداء الممكنة، معرباً عن تقديره للمحاورين والمدربين ومعاوني الوزراء والمشاركين في البرنامج، ومثمِّناً الحرص على المشاركة الفاعلة في هذه الدورة التدريبية والسعي لإغنائها وإنجاحها.
من جهتها، أوضحت وزيرة التنمية الإدارية الدكتورة سلام سفاف أن البرنامج يهدف إلى تبادل المعلومات والخبرات من خلال الحوار حول صناعة السياسات القطاعية، ووضع برامجها التنفيذية والاستجابة للتحديات ومعالجة الإشكاليات التي يعاني منها الجهاز الحكومي، حتى يصبح أكثر فاعلية ومردودية في ممارسة وظائفه المتعددة في جميع القطاعات.
وأشارت إلى أن أفضل طريقة للتأثير إيجاباً على المؤسسات هي التركيز على تطوير القيادة، واستقطاب الأشخاص الجيدين ورفعهم كقادة والسعي لتطويرهم باستمرار، لافتةً إلى أن البرنامج هو سياسة حكومية مستمرة لبلوغ هدفها في تنمية المهارات وبناء القدرات والتصرّف بطرق أكثر فاعلية واستثمار الموارد المتاحة، واتخاذ القرار في الأزمات لتحقيق النمو والتنمية الاقتصادية في الأوقات الحرجة.
من جهته معاون وزير الإعلام أحمد ضوا قال: إن البرنامج يسهم بتطوير أداء المؤسسات باعتباره يتضمن جلسات حوارية بين المشاركين وطرح بعض الإشكاليات التي تواجه العمل الحكومي ومناقشتها للوصول إلى حلول أساسية لها، منوّهاً بالفائدة المحققة سواء بالتخطيط أو إدارة العمل بالشكل الجيد.
وأكدت معاونة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية لشؤون التنمية الاقتصادية رانيا أحمد أن اجتماع المعاونين يشكّل فرصة للحوار وتحقيق الانسجام ما بين سياسات القطاعات في إطار السياسة العامة للدولة.
من ناحيته أشار معاون وزير السياحة نضال ماشفج الى أهمية البرنامج في تطوير المهارات الادارية والقيادية لمعاوني الوزراء.
بدورها أكدت معاونة وزير الثقافة المهندسة سناء الشوا، أهمية تبادل الأفكار والرؤى للوصول إلى آلية تفكير مختلفة تتميز بالتكامل والتشبيك ولا سيّما بين الوزارات ذات طبيعة العمل المشتركة.
وبدأ البرنامج التدريبي الحواري للقيادات الإدارية العليا جلساته في يومه الأول ضمن عدّة محاور تتمثل بـ “إشكالية السياسات القطاعية ومعوقات تنفيذها” و”القدرة على صياغة السياسات القطاعية وتحديد أولوياتها واتخاذ القرارات وتنفيذها والتنسيق فيما بينها” و”التدريب على مهارات الظهور الإعلامي”.
الدكتور وائل الحلقي رئيس مجلس الوزراء الأسبق المشارك في الجلسات محاضراً، أكد أهمية البرنامج الحواري لتدريب القادة الإداريين ليكونوا قادرين على اتخاذ قرارات إدارية أقرب ما تكون إلى المثالية والصواب من خلال إكسابهم الكفاءات والمحددات والمهارات الإدارية والخبرات الوطنية، مبيناً أن الجلسات تتناول في جانب منها أساليب رسم السياسات القطاعية والتنسيق ما بين القطاعات العامة وصولا إلى تحقيق التنمية الشاملة وتعزيز الناتج المحلي الإجمالي ودعم الاقتصاد الوطني.
وتستمر أعمال البرنامج التدريبي حتى يوم السبت القادم ويتناول في جلساته القادمة جلسة نقاش قطاعية وعدداً من القضايا أبرزها “وضع حلول حول الإشكالية المطروحة وتقديم أوراق عمل من قبل المعاونين تتضمن الحلول وتقييم القدرات المؤسساتية لدعم المؤسسات في مواجهة نقاط الضعف وزيادة الفاعلية القطاعية”.