فاتحة جديدة في دعم الشعب السوري
علي اليوسف
أجواء مطمأنة تلك التي خرج بها بيان القاهرة التي استضافت الاجتماع التنسيقي الأول للجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسورية 15 آب2023. هذه الأجواء يستدل عليها من العنوان الذي اختارته اللجنة “الحل الوحيد للأزمة السورية هو الحل السياسي”، والذي بمقتضاه فتحت على الطاولة ملفات سياسية وميدانية واجتماعية وإنسانية، وخطوات إجرائية كدعم جهود مكافحة الإرهاب، ومعالجة أزمة اللاجئين، والتأكيد على خروج جميع القوات الأجنبية المتواجدة بشكل غير شرعي، وهي جميعها قضايا تفصيلية رسمت في مجملها الالتزام الكامل بسيادة سورية، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
لكن هذه العناوين الكثيرة تحتاج أجندات عمل بدعم عربي، وتحديداً في ملف التعافي المبكر كونه الهاجس الأكبر للدولة السورية التي تواجه لوحدها عرقلة الغرب لهذا النوع من المشاريع، وتواجه العقوبات والحصار المفروض عليها من الغرب الجماعي الذي يجعل ترميم البنى التحتية وإعادة إعمار المناطق المدمرة، وتأمين ظروف حياة مقبولة أشبه بالمستحيلات، وهو ما يتطلب الضغط العربي على المجتمع الدولي والأمم المتحدة للدفع نحو تنفيذ مشاريع التعافي المبكر، وما يلحقه بالضرورة التمهيد اللازم لخروج القوات الأجنبية غير الشرعية، وإنهاء وجود مُختلف التنظيمات الإرهابية كونها العائق الرئيسي في وجه التنمية وإنعاش الاقتصاد.
من هنا، قد تكون قمة القاهرة الوزارية فاتحة جديدة في دعم الشعب السوري لتجاوز تداعيات الحرب، وربما تكون فرصة لقراءة الذات، وتحديداً في تعزيز الدور العربي لتسوية الأزمة السورية، ومعالجة تبعاتها السياسية والأمنية والإنسانية، ومواصلة الحوار تحقيقاً لهذا الهدف.
ولعل الاتفاق الذي خرج من قمة القاهرة على أجندة المحادثات التي ستتواصل وفق جدولٍ زمنيٍ، حسب البيان، وعلى تشكيل فريقٍ فنيٍ على مستوى الخبراء يعنى بمتابعة مخرجات هذا الاجتماع وتحديد الخطوات المقبلة، سيؤسس لمرحلة جديدة من التفاهم العربي بعيداً عن الأجندات الخارجية.
صحيح أن هناك التزامات سياسية لبعض الدول العربية تفرضها المعادلات الدولية، لكن تبعات القضايا الأمنية الإقليمية تفرض أكثر على دول اللجنة الوزارية العربية أخذ أمن دولها في الاعتبار، وخاصةً في بلورة إستراتيجية شاملة لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب بجميع أشكاله وتنظيماته، وإنهاء وجود المنظمات الإرهابية على الأراضي السورية، وتحييد قدرتها على تهديد الأمن الإقليمي والدولي.
لذلك إن التواصل المستمر بين الدول العربية، سواء على مستوى الوزراء أو اللجان، يشكل ضرورة أكثر من أي وقت مضى لتحديد نهج عربي فاعل على الصعيدين الثنائي والجماعي بعد أن واجهت الدول العربية، وليس سورية فقط، خلال السنوات الماضية ظروفاً استثنائية لجهة انتشار الإرهاب والتطرّف. وعليه فإن المرحلة القادمة تتطلب دوراً عربياً جمعياً لمواجهة التحديات الأساسية كانتشار الإرهاب، وتجارة المخدرات، وغيرهما من القضايا التفصيلية الأخرى. وبما أن الدولة السورية تعاني من تواجد العديد من التنظيمات الإرهابية على أراضيها، بالإضافة إلى الاحتلالين الأمريكي والتركي، فهذا يستدعي من دول اللجنة الوزارية تكثيف الجهود واتخاذ مبادرات حقيقية من أجل مساعدة الدولة السورية على بسط سلطتها على كامل أراضيها بما يخدم الإسهام في حل الهواجس التي طرحت في القاهرة.