في طرطوس.. غلاء فاحش لمستلزمات المدارس والتجارة الداخلية تؤكد أن الرقابة على مدار الساعة!
طرطوس- لؤي تفاحة
بعد أيام قليلة تستعد مئات آلاف العائلات السورية لرحلة البحث عن مستلزمات تلاميذ وطلبة المدارس من القرطاسية والكتب والدفاتر، بالإضافة إلى الألبسة والحقائب في ظل سوق تغلي نتيجة الارتفاع الجنوني للأسعار التي لا ترحم قلوب وجيوب أصحاب الدخل المحدود المنهكين، والمحزن أن كل ذلك يحدث أمام نظر الرقابة التنموية العمياء!
انطباعات مؤلمة!
خلال جولة “البعث” في أسواق مدينة طرطوس كان المزاج العام للمواطنين مضطرباً، حيث كان الغلاء الفاحش وصعوبة تأمين ما يحتاجه التلاميذ الهم الأكبر الذي يؤرقهم، فتحدثت بعض الأمهات عن صعوبة توفير ولو جزء يسير من المستلزمات الضرورية بسبب ارتفاع الأسعار بشكل فاحش، وعدم وجود لأي نوع من المنافسة بين الأسعار إلا إذا كانت على حساب الجودة وبالتالي ستكون الخسارة مضاعفة لجيوب المواطن، وبحكم تجارب مماثلة سابقة أشار البعض إلى أنه يتم توفير كميات كبيرة في السوق قبل موسم المدارس، ولكن بنوعيات ردئية للغاية، ولا تصلح لشهر، وفي ظل غياب أي دور للرقابة ومنع مثل هكذا بضاعة لما تحتويه من غش واستغلال لظروف الناس وحاجتهم الماسة لها، ولاسيما المتعلقة بالحقائب، وكذلك الألبسة المخصصة للمدرسة من قمصان وكنزات وغيرها، وتمنت إحدى السيدات لو تتدخل السورية للتجارة وتقوم بتوفير ما تحتاجه العائلة من مستلزمات المدرسة، لتخفف العبء على المواطنين.
تكافل اجتماعي
البعض الآخر من المواطنين تحدث عن أهمية تفعيل ثقافة تعاضد وتكافل المجتمع المحلي، والفعاليات الاقتصادية والتجارية، وغيرها من الجمعيات، من أجل دعم العائلات الفقيرة التي لا تستطيع تأمين ما تحتاجه نظراً لظروفها المادية الصعبة، وتحديداً بالنسبة للعائلات التي يوجد عندها أكثر من طالب، الأمر الذي يتعذر فيه تأمين ذلك نتيجة الغلاء الكبير الذي يضرب كل الأسواق.
ورغم حدة الغلاء برر بعض أصحاب المحلات الفوضى في الأسعار، مشيراً إلى أن غلاء الدفاتر المدرسية الذي يصل سعر بعضها لأكثر من ٢٠ ألف ليرة للدفتر الواحد، ناتج عن ارتفاع أسعار الورق عالمياً، وما يتحمله التاجر من كلف مالية باهظة يفرضها عليه المورد الأساسي أو ربما يكون الوحيد على مستوى القطر، وبالتالي التحكم بالسوق، وفرض ما يريده، وهذا الأمر ينطبق على الألبسة المدرسية، وبقية القرطاسية من أقلام وغيرها.
حتى الكتب لم تسلم!
عدد من المواطنين أشاروا إلى أن الكتب المدرسية لم تسلم هي الأخرى من الغلاء، رغم أن الكتاب المدرسي مدعوماً، حيث تضاعفت أسعارها حتى في مستودعات الكتب المدرسية، إلى أرقام تفوق قدرة أي عائلة!.
يقول ”أبو محمود”: إنه يحتاج لأكثر من مليون و٢٥٠ ألف ليرة خلال هذه الفترة مع افتتاح المدرسة، ولا يتوفر في جيبه سوى ما يقبضه من راتب نهاية هذا الشهر اقل من ١٠٠ ألف ليرة، ولكم أن تتصوروا كيف لموظف لديه ثلاثة أطفال أن يتدبر أمره أمام ذلك! وكيف يتم توفير الكسوة إذا ما علمنا بأن سعر الحقيبة المدرسية يصل لحوالي ٢٠٠ ألف ليرة وأكثر، والبنطال المدرسي لأكثر من ٧٥ ألف ليرة، فيما يحتاج لأكثر من ١٥٠ ألف ليرة ثمن نسخ كتب مدرسية في الحدود الدنيا!.
تحضيرات المونة
هذا العام تضغط المونة بشكل كبير، بسبب ارتفاع الأسعار، فكيف إذا تزامنت مع افتتاح المدارس؟، هنا تتساءل “أم علي”: كيف لرب الأسرة أن يفي بمتطلبات مستلزمات المدارس ومواد المونة، بمرتبه الهزيل؟، مشيرة إلى أن المونة ستبقى حسرة عند غالبة الأسر الفقيرة!
مهرجان للقرطاسية
ورداً على أسئلة “البعث” بخصوص غلاء الأسعار بيّن محمود صقر مدير فرع السورية للتجارة في طرطوس بأن الفرع سينظم مهرجان للقرطاسية مع بداية العام الدراسي، حيث ستصل نسب التخفيض من ١٥- ٢٠ %، وبالنسبة للألبسة فقد جرت العادة –بحسب قوله- بأن تكون التخفيضات أكثر من ذلك بالإضافة لما تقدمه صالات الفرع من كافة المستلزمات المدرسية، وبأسعار مناسبة.
نعمل بشكل مستمر!
أما نديم علوش مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، فقد أكد بأن دوريات حماية المستهلك تعمل بشكل مستمر لضبط الأسواق، من خلال تنظيم الضبوط بحق المخالفين، مشدداً على ضرورة أن يتعاون المواطن مع دوريات الحماية، ولاسيما خلال هذه الفترة إلى حين استقرار حالة الأسواق بعد صدور نشرات جديدة للأسعار.
بالختام، مهما تكون الإجراءات المتبعة لضبط السوق، وفي ظل هذه الفوضى العارمة، وتذبذب سعر الصرف، وغياب التداول الفعلي للفواتير بين تجار الجملة، ونصف الجملة والمفرق من جهة، ومع المصنع أو المورد من جهة أخرى، سوف تبقى حالة عدم استقرار الأسواق هي المؤشر العام لها، فيما المواطن يبقى هو الخاسر الوحيد في هذه المعمعة وارتداداتها السلبية والقاسية عليه!