واشنطن تستعدّ لتحميل زيلنسكي مسؤولية الفشل
تقرير إخباري
يلاحظ المتتبّع للصحف الغربية وخاصة الأمريكية منها، إصراراً غربياً على إلقاء اللوم على النظام الأوكراني حول فشل الهجوم المضاد الذي شنّه ابتداء من الرابع من حزيران الماضي على الجيش الروسي، وذلك، حسب زعمها، على الرغم من إمداد الغرب الجماعي الجيش الأوكراني بشتى أنواع الأسلحة الخارقة للتوازن أو المؤثّرة في المعركة، وهذا يستدعي طبعاً أن الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية لم يتوانَ عن تقديم الدعم لنظام كييف في معركته، وبالتالي لا يستطيع أحد إلقاء اللوم على الحلفاء الغربيين الذين وفّروا جميع أسباب النصر للجيش الأوكراني الذي عجز عن استثمارها.
وهذا بالضبط ما أشارت إليه صحيفة “بوليتيكو” عندما عدّت سلسلة المنشورات في وسائل الإعلام الغربية حول إخفاقات الهجوم المضاد الأوكراني، وتجاهل توصيات واشنطن وحلفائها، محاولة أمريكية للتملص من المسؤولية، حيث ألمحت إلى أنه في الآونة الأخيرة، “كان المسؤولون الأمريكيون يخبرون المراسلين عن التوقعات القاتمة على نحو متزايد بشأن الهجوم المضاد الأوكراني والتوصيات العسكرية التي تجاهلتها كييف”.
الصحيفة لم تخفِ أن هذا “يبدو كأنه أول حملة تسريب غير مصرّح بها ومستهدفة ومنسّقة” في عهد بايدن، وخاصة أنها جاءت في صحف “واشنطن بوست” و”نيويورك تايمز” و”فايننشال تايمز” الشهيرة.
ومن هنا رأت الصحيفة أن بعض الأشخاص في مكان ما في أعماق الحكومة يريدون إلقاء مشكلات أوكرانيا في ساحة المعركة على كاهل كييف وإبعاد اللوم عن واشنطن، مستشهدة بما نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” مؤخراً، من أن الولايات المتحدة وحلفاءها يعتقدون أن أحد أسباب فشل الهجوم المضاد الأوكراني هو الإفراط في نشر القوات، وعدم التزام كييف توصيات الحلفاء في الجبهة.
وخلصت إلى أنه كان بإمكان البنتاغون إعطاء المعلومات للصحفيين دون إذن، ولكنه فضّل أن تكون التسريبات عبر مجتمع المخابرات.
وفي السياق ذاته، جاء تصريح الجنرال الألماني المتقاعد رولاند كاتر، بأن القوات الأوكرانية تتفكّك في هجماتها المباشرة على خط الدفاع الروسي.
ووصف الجنرال عدداً قليلاً من التقارير عن الوضع على خط الاتصال بأنه “أخبار سيئة”، وأضاف: “من الصعب جداً دائماً وصف مثل هذا الوضع التكتيكي بشكل واقعي في معركة ديناميكية للغاية. ولكن إذا نظرت إلى خط المواجهة لعدة أشهر، فستجد أنه لم يتغيّر كثيراً”.
ووفقاً له، فإن القوات الأوكرانية ترتكب خطأ فادحاً من خلال الاستمرار في محاربة “هذا النظام الدفاعي الرائع” بهجمات أمامية، واعترف كاتر بأنه متشائم من تحقيق هدف وسيط على الأقل وهو الاستيلاء على ميليتوبول قبل الشتاء وبالتالي تعطيل خطوط الإمداد الروسية على المدى الطويل.
جاء ذلك بينما شكّك رئيس اللجنة العسكرية للاتحاد الأوروبي روبرت بريغر في قدرة أوكرانيا على “استعادة الأراضي”، وحثّ على عدم التعويل على اختراق قواتها خطوط الدفاع الروسية.
وفي حوار مع صحيفة “دي فيلت” قال بريغر، الذي يرأس منذ مايو 2022 اللجنة العسكرية للاتحاد الأوروبي، وهي أعلى هيئة عسكرية في الاتحاد: “ليس من الواضح ما إذا كان بإمكان أوكرانيا استعادة سيادتها الكاملة بالموارد المتاحة”.
وذكر بيرغر أن الهجوم الأوكراني المضاد المستمر منذ حزيران، لم يسفر عن أي نتائج حتى الآن، في حين لا تزال روسيا تسيطر على نحو 17 بالمئة من أراضي أوكرانيا، ولديها خطوط دفاع قوية.
وواضح التناغم بين ما جاء على لسان الصحف الأمريكية من تسريبات منسّقة تشير إلى تحميل كييف مسؤولية فشل الهجوم المضاد، وما يقوله خبراء الحرب في الدول الغربية الأخرى، ما يؤكّد أن هناك حملة منظّمة للتخلّي عن فلاديمير زيلنسكي وتحميله مسؤولية الحرب بعد فشله الواضح في تحقيق أحلام الغرب، وهذا دأب الإدارات الأمريكية المتعاقبة.
طلال ياسر الزعبي